مقالات

الولايات المتحده الامريكية ونزوتها القديمة الجديدة في الهيمنة والتسلط !‎

محمد حسنة الطالب
للولايات المتحدة تاريخ طويل من التدخل السرى فى العديد من بلدان العالم ، حيث لايزال الكثيرون يشعرون بالاستياء الشديد إزاء سياستها الظالمة والداعمة لحركات التمرد والانقلابات والمؤامرات فى العديد من الدول وخاصة في امريكا اللاتينية ، مثل كوبا ونيكاراجوا ، والبرازيل ، وشيلى ، وفنزويلا وغيرها، في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن الانتهاكات التى ارتكبتها الأنظمة العسكرية خلال الحرب الباردة.
ففى عام 1944 بغواتيمالا ، تمت الإطاحة بالديكتاتور العنيف المدعوم من قبل الولايات المتحدة، خورخي أوبيكو من خلال انتفاضة شعبية جلبت السلام إلى البلاد لمدة 10 سنوات، وبلغت ذروتها فى انتخاب الرئيس التقدمى جاكوبو أربينز، الذى سعى إلى الإصلاح الزراعى، عام 1951، لكن سرعان ما أطلقت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA عملية تسمى PBSUCCESS، عام 1954، أنطوت على قصف مدينة جواتيمالا عاصمة البلاد بالطائرات الحربية الأمريكية ، وكان الانقلاب الذي تعاقبت على إثره مجموعة من الحكام العسكريين على السلطة في هذا البلد ، حيث عانت جواتيمالا لثلاثة عقود من القمع الوحشى ، الذي قتل على إثره مالا يقل عن 200 ألف شخص على يد قوات الأمن .
وفى أوائل الستينيات شهدت البرازيل أيضا تحولا مذهلا على طريق التنمية ، حيث بدأ الرئيس جواو جولارت فى تنفيذ خطة “إصلاحاته الأساسية” التى تهدف إلى محو أمية الكبار والسيطرة على نقل أرباح الشركات متعددة الجنسيات التى يوجد مقرها خارج البرازيل ، من خلال إصلاح قوانين الضرائب ومصادرة الأراضى وإعادة توزيعها على السكان ، غير أن الصورة لم تكتمل كذلك بفعل المؤامرة الأمريكية عام 1964، إذ أطاح انقلاب عسكرى بجولارت لعب فيه لينكولن جوردن، سفير الولايات المتحدة، دوراً رئيسياً فى دعم المعارضة ضد حكومة جولارت , وفى 27 مارس 1964 قام بكتابة برقية سرية إلى حكومة بلاده، وحثها على دعم انقلاب هومبرتو دي ألينكار كاستيلو برانكو بأسلحة وشحنات من الغاز والنفط، تم إرسالها عن طريق عمليات سرية أدارتها الـCIA.
كذلك فى تشيلى، استخدمت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أساليبا مختلفة ، قادت الى حملة تشهير ضد حكومة تشيلى أنذاك شنتها وسائل الإعلام الوطنية والدولية لتشويه صورة الرئيس الاشتراكى سلفادور أليندى، وهو أول ماركسى يتم إنتخاباه ديمقراطيا فى ذلك الوقت ، حيث حاولت وكالة الاستخبارات الأمريكية والقوات اليمينية بث الرعب في أوساط الشعب تجاه اليندى بدعوى أنه سيسمح للسوفييت بالسيطرة على البلاد وأنهم سيخطفون الأطفال لغسل ادمغتهم ويدمرون الكنائس ويغتصبون الراهبات وغير ذلك من تلفيق الأكاذيب ،  وفى 11 سبتمبر 1973 قاد الجنرال أوجستو بينوشيه الجيش إلى القصر الرئاسى بدعم من السى آى إيه، التي زودته بكل الأسلحة والمركبات المدرعة اللازمة علاوة على الطائرات الحربية التي أسقطت قنابلها على قصر الرئاسة وقتل الرئيس.
وفي الأرجنتين أيضا كانت الحرب القذرة ، التى دعمتها الولايات المتحدة، بين عامى 1976 و 1983 قد أدت احتجاز وتعذيب المعارضين اليساريين، ويعتقد أن  30000 شخص قتلوا ، بينما اختفى 13000 شخص.
أما فى فنزويلا فتكررت المحاولات وظل هدف الولايات المتحدة قائما، إلى أن أعطت موافقتها الضمنية على محاولة انقلاب ضد سلف مادورو السابق الرئيس الثائر هوجو شافيز عام 2002 ، إذ أظهرت الإحاطات السرية للـ”سى آى إيه” أن إدارة جورج دبليو بوش كانت على علم مسبق بخطط المعارضة التي لم تتشارك معلوماتها مع الرئيس الفنزويلي ، وتم خلع شافيز حينها لمدة أقل من 48 ساعة ، إستطاع بعدها الدعم الشعبى الساحق والموالين له فى الجيش على إعادته إلى السلطة .
الحالات السابقة هى امثلة قليلة فقط على التدخلات الأمريكية فى شؤون جيرانها في امريكا اللاتينية ، ففى الثمانينيات دعمت الولايات المتحدة متمردي كونترا اليمينيين فى نيكاراجوا لتولي الحكم والإطاحة بحكومة الساندينستا الاشتراكية، مما أدى إلى عقد من النضال العنيف، ناهيك عن بنما 1989 وبيرو 1990 والسلفادور 1980 وبوليفيا 1971 وأوروجواى 1969 وهايتى 1959.
وبينما يتفق معظم زعماء أمريكا اللاتينية على أن رئيس فنزويلا الحالى ، هو حاكم سلطوى تسبب فى تدمير اقتصاد بلاده ، مما أدى إلى النقص الحاد فى الغذاء والدواء ، وفى نزوح جماعى من الفنزويليين اليائسين الى الحدود مع جيرانهم ، إلا أن تاريخ أمريكا من التدخلات السافرة التى شاعت فى أعقابها الفوضى والقتل والدمار فى العديد من البلدان ، ربما يمثل حجة دامغة وأداة قوية يمكن لمادورو استخدامها لحصد المزيد من الدعم والتأييد الشعبي حاضرا ومستقبلا ، خاصة بعد ما إنكشف خبث السياسة الأمريكية وإنفضاح أمرها في العديد من بقاع العالم ، فمادورو يعرف نتائج تلك السياسة مسبقا أكثر من الشاب خوان غوايدو ، المغرر به ضد مصلحة بلاده وإرادتها في أن تكون سيدة نفسها ، حيث يبدو أن خوان غوايدو لايقرأ التاريخ في امريكا اللاتينية وماحل بدولها التي رفضت وترفض الخضوع للسياسة الأمريكية الرعناء ، كما أن غوايدو لم ير ماحل بالعراق وليبيا وسوريا من فوضى ودمار ، وهذا ما يجعل منه بيدقا وخائنا في نظر احرار العالم ، جلبته مصالح اسياده للنفوذ الى السلطة على حساب الشعب الفنزويلي ، الذي أنهكته العقوبات والحصار  الأمريكي المضروب على صادرات بلاده وخاصة من البترول الذي تتربع فنزويلا  على إحتياط هائل منه ، وتلك هي الغاية الكبرى التي تخفيها مبادئ الديمقراطية الكاذبة وحقوق الإنسان المزورة التي يدعيها الغرب.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق