كتاب وآراء

شتان ما بين الوهم واليقين .

بقلم: لحسن بولسان

بمنطق المصير والوجود، حين تحاول ثلة قليلة أسيرة النرجسية والذاتية الضيقة، تحويل مصير شعب إلى سلعة للمتاجرة، وكأن نصف قرن من الكفاح والدماء والمكاسب تصبح عنهدم بضاعة ملقاة على قارعة الطريق؛ في حالة كهذه، تسقط هذه الثلة بشكل حر ومدوي في مهاوي الرذيلة.

فلم يعد ثمة هوامش للحياد أو الصمت، ولا مجال لإمساك العصا من المنتصف؛ لا مهادنة مع من يحاول أن يوهمنا أنه يسعى بعمالته إلى صناعة مستقبل أفضل لنا في كنف حكم ذاتي مغربي، لا مهادنة مع من يحاول أن يتطاول على كفاح شعب لا يرضى عن البوليساريو بديلا ولا عن الاستقلال الوطني مصيرا؛ لا مساومة على البوليساريو السبيل الوحيد والأوحد الموصل إلى إستقلال الصحراء الغربية، بترابها وهوائها وحتى بأحجار عثرات مسيرة الكفاح.

منذ غزوه للصحراء الغربية، ظل تعامل المخابرات المغربية مع من إرتمى في أحضانها يمتد ويتعدل ويتبدّل حسب الظروف، وكل من ذهب من هؤلاء المرتزقة بسبب التقادم والتآكل يتم تجديده في كل مرة. وما إن تسحب المخابرات المغربية بعض الوجوه المنتهية صلاحيتها من التداول، حتى تستنبت لنفسها ذيلا آخر، فيقوم اليوم واحد وينهار غدا آخر.

نعلم أنه قبل المؤتمر الأخير للجبهة وبعده، باشرت أجهزة المخابرات المغربية إعادة تفعيل الأدوار المنوطة ببعض المحسوبين على الأجهزة الأمنية، لفتح الجبهات غربا وشرقا، شمالا وجنوبا، لربط الاتصال ببعض السماسرة والمرتزقة التائهين في العالم ذات العلاقات بجهات أمنية غربية، في سياق البحث دوما عن إنجاز مهمات غايتها التشويش على شرعية البوليساريو.

نعلم كما تعلم أجهزة المخابرات المغربية وأعوانها، أن هؤلاء مجرد أدوات تنوس بين العمالة والسمسرة، وأن لا تأثير لهم وأقصى طاقاتهم أن يكونوا أجراء بمنزلة عميل رقم واحد بامتياز تسند له مهمة أخذ صور بزي صحراوي مع الوفد المغربي المفاوض مع الجبهة “أمرافگ العطار بزوكني”، أو في أقل الحالات مرتزق بمرتبة عميل صغير جدا جدا يطلب منه التشويش في المنابر الإعلامية وهواميش الملتقيات الدولية جنيف، الأمم المتحدة أو التغلغل داخل خريطة التضامن الدولية مع الشعب الصحراوي كمادة إستهلاك إعلامي لا غير و بلا تأثير.

فتبادل الأدوار بين هؤلاء المرتزقة والأجراء، في الداخل والخارج، بين كبيرهم وصغيرهم، بين قديمهم وجديدهم، ومهما تغيرت لبوس الأدوات وأدوارهم، ومهما تعدلت وظائفهم.. سواء جاؤوا تحت شعار العائدين أو الإصلاح والتغيير، كل هذا ليس إلا لعبة ساذجة ومكشوفة، لا يفسرها كاملة سوى الإخفاق والفشل الذي مني به الإحتلال المغربي وعدم قدرته هو وأعوانه على التأثير على شرعية جبهة البوليساريو.

أوهم الإحتلال نفسه أن تعديل جوقة العملاء قد يؤثر على يقين الصحراويين وإيمانهم بالحرية والاستقلال؛ شتان ما بين اليقين والوهم: ظن الإحتلال أن توظيف هذه المسميات الصاخبة الكاريكاتورية بعد عمليات الترميم الأخيرة التي تمت بتنسيق بين الأجهزة الأمنية المغربية وحلفائها، قد تؤثرعلى صمود وإيمان الصحراويين.

يجهل هؤلاء أنه كلما نذكر اليوم البوليساريو إلا وحضر اليقين. يقين بالنصر آجلا أم عاجلا، يقين حسمته تلك الإرادة التي تجذرت في الوجدان الصحراوي منذ عقود، يقين ترجمته تلك العمليات البطولية لجيش التحرير الشعبي الصحراوي، يقين رسمت معالم طريقه الجراح النازفة، يقين عبدت سبيله شلالات الدم المسفوح من خاصرة قوافل الشهداء الأبرار وآهات الثكالى والأرامل واليتامى ومعاناة المعتقلين والمحاصرين بسجن الاحتلال؛ فشتان بين الوهم واليقين.
بقلم:لحسن بولسان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق