كتاب وآراء

شكرا مجلس الامن!!

بقلم محمد فاضل محمد سالم

بقراره الاخير يكون مجلس الامن الدولي قد سهل على جبهة البوليساريو مهمتها في استعمال كل الوسائل المشروعة بما فيها حمل السلاح و العودة الى الحرب لتحرير الوطن المغتصب منذ اربعة واربعين عاما.
فبعيدا عن القراءات التبسيطية و السطحية لهذا القرار بالقول انه لم يأتي بالجديد و انما كرر ما كان يقوله دائما، فإن الامور أعمق من ذلك و أبعد أهداف. فهذا القرار عكس حقيقة وهي ان المجتمع الدولي في أريحية تامة مادام الوضع ” هاديء” و باقي كما هو عليه. المجتمع الدولي ليس مستعجل على فرض الحل الذي هو موجود اصلا المتمثل في “الاستفتاء” الذي خلقت المينورصو من أجله، بل غير آبه و لا مهتم بمآسي الصحراويين و معاناتهم و الادهى و الامر انه يعتبر رغبة الصحراويين و تشبثهم بالحل السلمي و التنازلات الكبيرة التي قدمتها جبهة البوليساريو مجانا و صبر ايوب الذي تحلى به الشعب الصحراوي ان ذلك ضعف واستسلام و عجز تام من الجبهة الشعبية عن إستعمال حق القوة لفرض قوة الحق الذي هو الى جانبها ولا يمكن ردمه بقرار من مجلس الأمن و لا أن يتجاوزه اي كان.
إن مجلس الامن أو باختصار ما يسمى بأصدقاء الصحراء الغربية الذين هم : ( بريطانيا ، روسيا، امريكا، فرنسا و اسبانيا) وخاصة الدول الثلاثة الاخيرة التي بيدها قلم تحرير القرارات الخاصة بالصحراء الغربية، لا ينظرون الى مصلحة الشعب الصحراوي سوى من منظار مصالحهم هم والتي تتعارض الى حد الساعة مع مصالح الصحراويين، و قد اشرنا في مقال سابق عن تفاهمات امريكية – فرنسية كانت و راء اقالة كوهلر المبعوث الخاص شهر مارس الماضي و ان تلك التفاهمات فرضتها الاكتشافات الكبيرة للغاز و البترول و معادن اخرى في المنطقة : قبالة الساحل الموريتاني، على الحدود البحرية الموريتانية السنغالية في دول الساحل بصفة عامة و في خليج غينيا . انه من البلادة ان نتجاهل تقارير مراكز البحوث الامريكية و الاوروبية بل تصريحات امريكية رسمية ، التي تؤكد كلها امكانية الاستغناء عن استيراد الطاقة من الخليج العربي البعيد نسبيا و الغير مستقر سياسيا، باستيرادها من خليج غينيا المطل على المحيط الاطلسي و القريب من البحر الابيض المتوسط، ولعل ميناء التجاري ” الداخلة- اطلنتيك” الواقع على بعد 40 كلمتر من مدينة الداخلة المحتلة والمقام في مرحلته الاولى بحوالي عشرة ملايير درهم و الممول بنسبة كبيرة من الخزينة الامريكية و البقية و فرته فرنسا و الذي اعتبرته الصحافة الاسبانية منافسا خطيرا على الموانئ الاسبانية سيكون هذا الميناء بوابة انابيب الغاز و البترول في اتجاه القارة الامريكية و أوروبا.
ان منطقة الشمال الغربي الافريقي امام “لعنة الطاقة” بما يعني ذلك من نسف لحقوق الشعوب في التحكم في مصائرها. إنه من البلادة بمكان بعد حوالي عشرون عاما من اللهث وراء سراب المفاوضات المهزلة وانتظار من المجتمع الدولي انصاف الشعب الصحراوي بعد ما عجز مبعوثوه منذ سنة 1991 الى مارس2019 من جيمس بيكر وزير خارجية امريكا الاسبق الى كوهلر الرئيس الالماني المستقيل ان يبقى الصحراويون يعلقون الامل على حق ستمنحه لهم فرنسا و اسبانيا و امريكا على طبق من ذهب.
إن المؤامرة تتسع و الخطر على الابواب ففرنسا التي تشعر منذ مدة بتقلص حجمها و سمعتها لدي الدول الفرنكوفونية – حديقتها الخلفية – تسارع ماكينتها الدبلوماسية و المخابراتية الى تهديد دول الساحل و الضغط على بلدان الجوار هذه الاخيرة التي تزامنا مع انعقاد مجلس الامن تبعث بإشارات رسمية و غير رسمية و لو من خارج السلطة لكنها في المفهوم السياسي لها مغزاها، فكيف يفهم ان دولة على حدودها أزمة يمكن ان تنفجر في اي وقت و تصبح حربا تهدد بلا شك امنها يتحدث رئيسها في الجمعية العامة عن ازمات في جزر ” الوقواق او هنونولو”
ولا ينطق بحرف حول ازمة الصحراء الغربية إن لم تكن هناك مساومات او ضغوطات لا تحتمل.
إن فرنسا الخبيثة والمتورطة بالكامل في نزاع الصحراء الغربية لن تذخر جهدا في فرض الامر الواقع و الحفاظ على حالة الاستاتيكو الى مالا نهاية ، و ان تأزمت الاوضاع و بدء السلاح يشهر، لن تتأخر فرنسا في اخراج قرار من مجلس الامن يعوض قوات المينورصو الغير مسلحة ،بقوات حفظ السلام المسلحة بالدبابات و الاسلحة الثقيلة
و غيرها و لن تخصها الاعذار لذلك و الامثلة موجودة في افريقيا الوسطى و مالي و لبنان و قبرص منذ عام 1975 و غيرها بل ربما تدفع فرنسا إن عصي عليها ترويض الشعب الصحراوي بهذه القوات تحت اي مبرر الى المساهمة في ابادة شعبنا و قريب منا تفرج القوات الاممية على مذابح اتوتسي في روندا و حماية نفس القوات لجيش البوسنة الذي قام بتطهير عرقي استهدف المسلمين في هذا البلد دون ذكر ما جرى في افريقيا الوسطى و مالي.
ان الوقت ليس في صالح الشعب الصحراوي و الاحداث تتسارع و عشرون سنة من الانتظار و الانكسار و غيبة الامل، تجعل القيادات و النخب و كل صحراوي امام مسؤولياته التاريخية اما فرض الوجود كشعب محترم مهاب الجانب او شعب الغجر مشرد ومتسول عبر العالم. من هنا نقول لذوي الالسنة الطويلة و الاعين الضيقة من ابناء شعبنا اتقوا الله في شعبكم فالذي هو غير مستعد ان يضحي فليترك اصحاب الميدان و من هم على ارض الواقع يضحون من أجله. كفوا عن بث التفرقة و نبش الجراح و المس من معنويات النساء و الشباب و الرجال من ابناء جلدتكم، اما العدو فالشعب الصحراوي خبره و عرفه وباستطاعته مواجهته بشجاعة و بأس شديد.
إن المؤتمر الخامس عشر يستدعي من الجميع طي الخلافات وتراصي الصفوف و بذل الجهد في رسم استراتجية المرحلة القادمة بكل تفاصيلها ونكونوا جميعا مسؤولين عن تطبيقها و حمايتها، مؤتمر الشهيد البوخاري نجعله بقوة الارادة السياسية اول تحد من شعبنا البطل لأي كان يريد سرقة براءته و طيبة نوايانا و فرض علينا اختيارات لاتتطابق و الاهداف التي سقط من اجلها شهداء الشعب الصحراوي: السيادة و الاستقلال التام. شكرا لمجلس الامن الذي وخزنا بعصاه حتى نستفيق من سباتنا، شكرا و الف شكر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق