مقالات

العاشر من ماي طعمه في كل يوم….

حمدي حمودي

من نتذكر اليوم في يوم فيه التفكر أكثر من التذكر، والأيام لا تطول ولا تقصر، إنها فقط تتقلب وتتململ لا تغفو ولا تصحو، ولا يصفو لها سماء ولا ينكشف عنها غطاء، وفي ملامح ظهرها الذاهب ووجهها المقبل، نعد على الأصابع السنوات الأربعين التي مرت والسبع التي تغرب آخر شموسها اليوم، الذي ليس ككل الأيام، ظل خيط من نوره مطبوع كوشم على خد كل يوم صحراوي.

العاشر من مايو خيط النور وسلك المسبحة الذي قفزت كل حبة صحراوية منتظمة فيه كي يكون قلبا لها وتكون هي هيكله وملمحه الشعبي الذي تتساوى فيه كل أبناء الوطن.

في بيت التأسيس ذاك في مدينة “ازويرات” الذي كانت بذرة التأسيس الجديد تغرس فيه، إرادة الله هي التي تحرس، ففي ذلك اليوم لم يكن يؤمن الباب إلا صبيين في عمر لم يتجاوز التاسعة.
لم يكن لبذرة أن تنبت إلا في ارض صالحة للإنبات، ففي قلب كل صحراوي كانت الأرضية صالحة للبذر، كانت نابعة من صلب شعبنا خاصة لثلاث عوامل رئيسية هي حب الأرض والحرية والكفاح.
فلم يكن الكفاح عاملا طارئا على شعبنا فقد كان شعبا مكافحا، حمل لواء الجهاد في منطقة المغرب العربي بل هو من جاء فاتحا ينير القلوب بنفحات الإسلام الطيبة الطاهرة، وقد مجده في أشعاره وقصصه وأطار النوم من عيون الأعداء عبر تاريخه المليء بالتضحية والبطولة، وكانت الحرية حياته فلم يدجنه أي كان فكان مجتمعا أفقيا لا أمير ولا ملك، فكيف بمستعمر غربي، ولم تكن محبة الأرض والاستشهاد في سبيل الله إلا من مميزاته وخصوصيته الخاصة.
إن تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ليس تتويجا لمرحلة قريبة بعد فشل حركة تحرير الصحراء السلمية فحسب، بل هي تتويج لذلك التاريخ المجيد لشعبنا، الذي عرف بالنبل والشجاعة والتضحية والإقدام، وروحه العصية على الترويض والذل، إنها بمبادئها المنسجمة مع طبيعة شعبنا وما يصبو إليه، لقت تجاوبا سريعا منقطع النظير، فالتفت عليها كل شرائح مجتمعنا وفككت كل الأحزاب والمجموعات والتنظيمات السياسية وغيرها نفسها كي تنصهر في وحدة واحدة هي جبهة المجد، جبهة الشعب الصحراوي، جبهة البوليساريو، التي لم تعد تنظيما سياسيا حضاريا فحسب بل روح الشعب الصحراوي وكتلته الصلبة.
بالنسبة للشعب الصحراوي وبالنسبة للذين تربوا وترعرعوا في أول كيان صحراوي، لا نفهم المصطلحات والعبارات الغريبة علينا ولا نريد أن نعرف إلا أن البوليساريو هي أنا وأنت ونحن، الذين عشنا ونعيش في كنف الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية دولتنا وكياننا الذي فيه من الحرية والديمقراطية والنبل والعزة ما لا يوجد في أي كيان، لأنه يجمع أبناء وطننا الأحرار، ويلم قوتنا وأصابع الأيدي قبضة القوية ضربت وتضرب على طاولات المؤامرات والتي أطارت أوراق وخرائط وخطط اتفاقية مدريد.
وأخيرا هل يمكن الحديث عن ذكرى يوم أبدا، كيف نتذكر يوم طعمه في كل يوم؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق