كتاب وآراء

إسبانيا و الأوراق المبعثرة.

بقلم : محمد فاضل محمد سالم

ان الموقف الصحراوي القوي المتمثل في مراجعة عملية السلام الأممية برمتها و الإعلان على أن ممر العودة الى السلاح أصبح إجباري و المؤتمر الخامس عشر أولى محطات الإستعداد لذلك، بعثر اوراق و حسابات من كان يعتقد أن جبهة البوليساريو ضعيفة و ان الشعب الصحراوي تلاشت عزيمته و خارت قواه.

فالمملكة المغربية التي هي أضعف من بيت العنكبوت تأكدت بأن زمن الضحك على الضقون قد إنتهى و عليها أن تتحمل عواقب حرب عجز الحسن الثاني و هو في أوج قوته و مكانته الدوليةمن مواجهتها. لذا نراها اليوم ترقص على أكثر من حبل كالديك المذبوح و تتاجر بالمغرب بلدا و شعبا و ترهن مستقبل أجياله لدى الأجنبي دولا كانت أو لوبيات الإرتزاق المالي و السياسي و آخرها “رقصة تِحيحيت” التي أبدع فيها السي بوريطة أمام نظيره الإسباني السينيور بوريل هذا الأخير الذي يبدو أعجبته الرقصة و تناغم معها – و هو الميَّال الى كل فنٍ آت من المغرب – ليكرر المعزوفة الملكية القديمة الجديدة ” المخيمات، البوليساريو، الإرهاب” و هي سنفونية رديئة ردائة عازفيها.
“السينيور بوريل” على خطى “فيليبي كونزاليز”، مباشرة بعد لقائه بوزيرخارجية المغرب و تمرير ما يمكن تمريره من تحت الطاولة من أموال المغاربة يخرج على الرأي العام بالتحذير من التواجد أو السفر الى مخيمات اللاجئين الصحراويين وحتى يجد كلامه صداً لدى الإسبانيين يلجأ الى وزيرة الدفاع ليدفعها الى تأكيد و تكرار قوله و يُوعز في نفس الوقت الى الأقلام المأجورة لتنفث سُمها على الشعب الصحراوي و رائدة كفاحه جبهة البوليساريو، وكأن الدولة الإسبانية لم يكفيها ماألحقته من أضرار و مآسي بالصحراويين حتى تبحث اليوم عن إلحاق الأذى بهم و تشويه كفاحهم الشريف.
إن إختيار التوقيت لما أقدمت عليه الحكومة الإسبانية على لسان وزير خارجيتها بالدعوة الى عدم التوجه الى مخيمات اللاجئيين الصحراويين بحجت معلومات إستخباراتية تفيد بإحتمال حدوث عمل إرهابي، لاتخرج عن الإحتمالات التالية:
– أولها إقدام المغرب على مغامرة غير مدروسة العواقب تستهدف المؤتمر الخامس عشر الذي يخشى أن يتخذ قرارات حاسمة.
-ثانيها إستهداف الجزائر و محاولة التشويش على جهودها في الخروج من الأزمة بأكثر صلابة و قوة،وبعد التأكد من أن موقفها من قضية الصحراء الغربية ثابت لا تغيير فيه.
– ثالثها إيهام الرأي الدولي بأن منطقة الساحل و الصحراء تحت السيطرة و لا تدب نملة الا و هي تحت المراقبة و بالتالي إرسال إشارات الى أن هذا الجزء من أفريقا و المغرب العربي هو حديقة خلفية للدول الغربية خاصة فرنسا و ربيبتها اسبانيا، في وقت أصبحت شعوب هذه الدول تتحرك علانية بهدف التخلص من الهيمنة الفرنسية و الغربية بصفة عامة، ساحل العاج بينين بوركينافاسو النيجر و اتشاد جميعها تكتسحها موجة من الرفض الشعبي التصاعدي المعادي لفرنسا مما سيكون له التأثير المباشر على دولة الإحتلال.
ورابعها هو أن صمود الشعب الصحراوي و قراره التاريخي بمراجعة التعامل مع منظمة الأمم المتحدة و نجاح الجزائر ليس فقط في إدارة أزمتها السياسية بل إنتقالها الى قوة عسكرية ضاربة في المنطقة بعثرت حسابات الدول الغربية، و زاد من نرفزتها إستعداد الدولة الجزائرية للقيام بمناورات عسكرية بحرية ضخمة هي الأولى من نوعها،بين جيشها و الجيوش الصينية و الروسية و هي المناورات التي ستُجرى بالذخيرة الحية على أبواب الدول الأوروبية التي ستسمع عن قرب صوت الصواريخ و هدير المدافع، و حلفها الأطلسي فاتح فاه مبهور لا يقدر على فعل شيء ، يرى بحيرة الأبيض المتوسط التي كانت الى الأمس ملك لقواته بدون منازع، ساحة لجيوشات الجزائر، الروس و الصين..
إن جبهة البوليساريو و من ورائها الشعب الصحراوي قد غضت مضجع حلفاء الإحتلال المغربي و نغصَّت على المغرب حالة الهدوء و الإستقرار في الصحراء الغربية التي كان يوهم بها اصدقائه و يغلط الرأي الدولي و ما هجوم الحكومة الإشتراكية الإسبانية على شعبنا في هذا الوقت بالذات الا تاكيد على فشل توقعات حلف باريس مدريد الرباط وتبخر أحلامه في القضاء على شعبنا بالقضاء على مخيمات العزة و الكرامة التي هي محل نخوة و كبرياء المواطن الصحراوي، توحد صفوفه و تبعث فيه روح التضحية و المواجهة.
إننا كصحراويين ملزمين بالشَّد على المشروع الوطني بالنواجد وإدراك خطورة المؤامرة و ما تواجهه شعوب المنطقة بصفة عامة من مخاطر نتيجة لتقاطع مصالج الدول العظمى في هذا الجزء من القارة و اندفاعها لحسم الصراع لصالحها وصالح عملائها، فلنكن كما كنَّا عند حسن ظن الأصدقاء و في طليعة التصدي للأعداء حتى نفرض إختياراتنا التي جسدها شعار المؤتمر الخامس عشر: كفاح صمود و تضحية لإستكمال سيادة الدولة الصحراوية.
بقلم : محمد فاضل محمد سالم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق