كتاب وآراء

ولى زمن القادة الجيدون

بقلم : سلامة حمودي بشري

يشعر المرء أحيانًا أنه لم يعد هناك قادة سياسيون. ولائك السادة الذين كنت تسمعهم يتحدثون في المذياع عبر الأثير، وحفظت أسماءهم رغما عنك. قادة ملأوا قاعات المناسبات. يحدثوننا عن المبادئ والنضالات والتاريخ والقيم والظلم، عن حركات التحرر في العالم، عن ثورات إفريقيا؛ حول الكفاحات العادلة، خُطب تصل أعماق القلب. كانوا قادة يحترمون القادة الآخرين كما يحترمون شعوبهم. هذا ما تبادر إلى ذهني لما رأيت تلك الصورة لرئيس فلسطين، محمود عباس، في الجزائر. لم يكن لدى عباس حتى عنصر شجاعة، ولا هل تحتاجون شيئا؟ ، ولا نظرة للزعيم الصحراوي، إبراهيم غالي، خلال الاحتفالات بالذكرى الستين لاستقلال الجزائر في 5 يوليو. إنه لأمر مقيت جدا أن نرى كيف حاولت السلطات الفلسطينية دائما تحاشي لقاء الممثلين الصحراويين، على الرغم من كون القضيتين متطابقتين تقريبًا، فهم يقاتلون من أجل نفس الهدف: ضد الاحتلال، ومن أجل حرية أراضيهم. ظلت الإتصالات دائمًا قليلة، باردة وبعيدة وغير مبالية. الجمهورية الصحراوية تعترف بدولة فلسطين، لكن فلسطين لا تعترف بالجمهورية الصحراوية (إلا في إطار جبهة الصمود والتصدي).
والآن بعد أن أظهر المغرب ألوانه الحقيقية من خلال اصطفافه علانية مع إسرائيل، يواصل السياسيون الفلسطينيون لُعْبَة النفاق ويتهربون من الصحراويين كما يُهرب من الوباء، استخدم دبلوماسيوها حق النقض ضد أي اتصال مع الصحراويين في الأحداث والمنتديات الدولية. كان لدى الراحل ياسر عرفات الأقل الشجاعة لاستقبال محمد عبد العزيز في 14 أبريل 1987 خلال احتفال المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر. وحتى الزعيم الصحراوي الراحل تدخل في ذاك المؤتمر.
وقد أدى ذلك إلى قيام، الحسن الثاني ملك المغرب، بإلقاء خطاب (مشحون بلغة مبتذلة، خشنة وحقيرة، مسيء)، في نفس اليوم من الرباط، يحث رعاياه على مقاطعة القضية الفلسطينية. وهكذا عاد عرفات إلى الحظيرة ولطريقته الكاريزمية بيد مع الله وأخرى مع الشيطان. ي
اسر عرفات ومحمد عبد العزيز ثوريين لم يحظيا بخضور استقلال بلديهما. ومع ذلك، يظل الشعب الصحراوي يحفظ نفس الاحترام والإعجاب للشعب الفلسطيني (طالع رسالة إبراهيم غالي الأخيرة إلى فلسطين). لكن عباس، المُطأطئ، يواصل التمسك بالنفاق والخوف. فهو باق على عدم مصافحة، ولا حتى النظر إلى وجه أخيه الصحراوي، أحد الأخيرين من المتشبثين بقيم الشرف والوفاء، على الأقل.
بقلم : سلامة حمودي بشري

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق