حصاد الاخبارلقاء خاص

ممثل الجبهة الشعبية في الامم المتحدة لموقع الرابطة: الموقف المتخاذل للحكومة الاسبانية لن يغير شيئا من الطبيعة القانونية لقضية الصحراء الغربية

حوار صحفي خاص مع الدكتور سيدي محمد عمار
ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو
حاوره: بلاهي ولد عثمان

سؤال : ما لجديد في اجتماع مجلس الأمن الأخير حول الصحراء الغربية؟
 
أود في البداية أن أتقدم بأحر التحيات للأخوات والإخوة في رابطة الصحفيين والكتاب الصحراويين بأوروبا على ما يقومون به جميعا من مهمة إعلامية وصحفية نبيلة رغم كل أنواع الصعوبات.

للرد على هذا السؤال يجب التذكير بدايةً أن جلسة المشاورات المغلقة التي عقدها مجلس الأمن يوم الأربعاء الماضي أتت طبقاً للفقرة العاشرة من منطوق القرار 2602 (2021) الذي تبناه مجلس الأمن في 29 أكتوبر 2021، والذي طلب فيها المجلس من الأمين العام أن يقدم إحاطات إلى المجلس على فترات منتظمة، وكذلك في أي وقت يراه مناسبا في أثناء فترة ولاية بعثة المينورسو بما في ذلك في غضون ستة أشهر من تجديد الولاية.

وبالتالي فجلسة المشورات كانت أساساً جلسة “إخبارية” وليست “تقريرية” بمعنى أن المجلس عقد الجلسة للاستماع لإحاطات من قبل مسؤولي الأمم المتحدة ولم يكن من المتوقع أن يتخذ أي قرار بشأن ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) التي تنتهي في 31 أكتوبر 2022.

وكما هو معلوم فقد استمع المجلس إلى أول إحاطة يقدمها له السيد ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء الغربية، الذي قدم عرضاً عن نتائج زيارته للمنطقة في شهر يناير 2022 وعما ينوي القيام به مستقبلاً في إطار مهمته. وفي هذا الإطار، أشار المبعوث الشخصي إلى أنه يعتزم زيارة المنطقة من جديد بما في ذلك زيارة الإقليم المحتل، ولو أنه لم يدلِ بأي معلومات حول تاريخ الزيارة. كما قدم السيد ألكسندر إيفانكو، الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة المينورسو عرضاً عن التطورات الميدانية في منطقة البعثة.

وكالعادة أدلت الدول الأعضاء في المجلس ببيانات للتعبير عن مواقفها. وكان هناك إجماع على الدعم القوي لمجهودات المبعوث الشخصي مع تأكيد العديد من الدول على ضرورة تحقيق حل سلمي وعادل ودائم ويكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وتعتبر هذه مواقف الثابتة التي تم التعبير عنها خلال مشاورات مجلس الأمن رداً قوياً وصريحاً على أولئك الذين يسعون إلى ترسيخ الوضع القائم والترويج، باسم “الواقعية السياسية”، للحلول المشبوهة القائمة على منطق التوسع وانتهاك القواعد الأساسية للقانون الدولي.

سؤال : هل لمستم تغيير في موقف الأمم المتحدة بعد قرار سانتشيث الاخير؟
 
في البداية أريد أن أوكد من جديد على أن إعلان الحكومة الإسبانية برئاسة السيد بيذرو سانتشيث، الذي جاء نتيجة الابتزاز المتواصل من قبل دولة الاحتلال المغربية، لن يغير شيئا من حقيقة أن الجمهورية الصحراوية واقع وطني وإقليمي ودولي لا رجعة فيه، أو الطبيعة القانونية لقضية الصحراء الغربية كمسألة تصفية استعمار مسجلة على جدول أعمال الأمم المتحدة منذ 1963. ومع ذلك، فإن موقف الحكومة الإسبانية الداعم “لمقترح” دولة الاحتلال المغربية لن يؤدي إلا إلى تشجيع دولة الاحتلال على الاستمرار في سياسة الأمر الواقع الاستعماري واحتلالها غير الشرعي لأجزاء من الجمهورية الصحراوية، كما أنه يقوض إمكانية إعادة إطلاق عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية.

وهكذا، فهذه القرارات الأحادية الجانب التي تتخذها الدول بشكل فردي ليس لها أي آثار فيما يتعلق بالطبيعة القانونية للقضية وإطار وأساس الحل كما تحدده قرارات الأمم المتحدة. وفي هذا الإطار، بودي أيضا أن أذكر أنه في أعقاب القرار الأحادي الجانب الذي اتخذه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته بشأن الصحراء الغربية يوم 10 ديسمبر 2020، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، في 12 ديسمبر 2020، أن موقف الأمم المتحدة لم يتغير وأن حل قضية الصحراء الغربية لا يعتمد على القرارات الفردية التي تتخذها الدول وإنما على تنفيذ قرارات مجلس الأمن التي تعتبر الأمم المتحدة هي الوصي عليها. وبالتالي، فموقف الأمم المتحدة من القضية لم يتغير بعد إعلان الحكومة الإسبانية المذكور.

سؤال : ما تعليقكم على روتينية هذه الاجتماعات السنوية التي لم تأتِ بجديد؟

لنتذكر بأن مجلس الأمن هو الجهاز الرئيسي في الأمم المتحدة الذي لديه المسؤولية الأولى عن صون السلم والأمن الدوليين طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، وأن القضية الصحراوية مطروحة على جدول أعمال المجلس منذ 20 أكتوبر 1975 بحكم أنها قضية ذات الصلة بالسلم والأمن الدوليين بحسب البيان الموجز الذي يعده الأمين العام دورياً عن المسائل المعروضة على مجلس الأمن. وهكذا، فالقرارات التي يتخذها مجلس الأمن والاجتماعات التي يعقدها حول قضية الصحراء الغربية تدخل في صلاحيات المجلس بما في ذلك تجديده الدوري لولاية بعثة المينورسو التي أنشأها المجلس تحت سلطته في عام 1991.

هذا من الناحية الإجرائية. أما من الناحية السياسية والعملية، فلا شك في أن مجلس الأمن لم يقم بعد بما عليه من مسؤولية بخصوص ضمان التطبيق الكامل للولاية التي أنشأ من أجلها بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) بموجب قراره 690 (1991) المؤرخ 29 أبريل 1991.

ويرجع السبب في ذلك أولاً إلى عرقلة دولة الاحتلال المغربية لتطبيق ولاية البعثة وثانياً إلى تقاعس المجلس عن اتخاذ أي موقف حاسم للرد على العرقلة المغربية وذلك بفعل تدخل بعض الأعضاء المؤثرين فيه مما جعله يركن إلى مقاربة “ترك الأمور على حالها المعهود” التي أوصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن.

وهكذا، فقد دأب الطرف الصحراوي على مطالبة مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته لضمان التطبيق الكامل لولاية بعثة المينورسو واستخدم كل الوسائل الدبلوماسية وغيرها، التي يخوله إياه ميثاق الأمم المتحدة، للضغط على دولة الاحتلال المغربية للوفاء بالتزاماتها والانخراط الجدي والمسؤول في عملية السلام وتسهيل قيام البعثة بتنفيذ ولايتها.

كما يواصل الطرف الصحراوي مطالبة مجلس الأمن باتخاذ خطوات عملية لحماية حقوق الانسان في المناطق الصحراوية المحتلة في ظل استمرار دولة الاحتلال المغربية في أعمالها الترهيبية والانتقامية ضد المدنيين والنشطاء الصحراويين، وكذلك استخدامها للأسلحة الفتاكة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة، في حربها العدوانية على الشعب الصحراوي والتي تسببت إلى حد الآن في قتل العشرات من المدنيين الصحراويين ومدنيين ومواطنين من بلدان مجاورة أثناء عبورهم الأراضي الصحراوية المحررة.

سؤال : رسالتكم للشعب الصحراوي بعد هذا الاجتماع الروتيني؟
 
على الرغم من ما يمكن قوله عن مدى الغاية من اجتماعات مجلس الأمن الدولي حول القضية الصحراوية من منظور ضرورة ترجمة المجلس لقراراته المتتالية بخصوص القضية إلى عمل وإجراءات ملموسة على الأرض لتحريك عملية السلام باتجاه الحل المنشود، فإنه من الواجب التأكيد على أهمية حضور القضية الصحراوية في جدول أعمال المجلس، كما أشرت سابقاً، على الرغم من وجود العديد من القضايا وحالات النزاع التي يتعامل معها مجلس الأمن يومياً.

وهذا في حد ذاته مكسب كبير يعود فيه كل الفضل، بعد الله عزل وجل، إلى الشعب الصحراوي وما قدمه هذا الشعب الأبي من تضحيات جسام في إطار كفاحه المشروع تحت قيادة ممثله الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. وبالتالي، فقضيتنا حاضرة في مجلس الأمن والطرف الصحراوي يتواصل باستمرار مع مجلس الأمن ليبلغ رسالة الشعب الصحراوي بكل وضوح والمتمثلة في الرفض القاطع لسياسة الأمر الواقع وللحلول الخارجة عن إطار الشرعية الدولية والتصميم القوي على الدفاع بكل الوسائل المشروعة عن الحقوق المقدسة لشعبنا وتطلعاته الوطنية إلى الحرية والاستقلال.

وفي هذا السياق، أود أن أؤكد من جديد على أنه، وبغض النظر عما سيتخذه مجلس الأمن من قرارات، فالأمور واضحة كل الوضوح بعد استئناف حربنا التحريرية يوم 13 نوفمبر 2020 بعد قيام دولة الاحتلال المغربية بخرق ونسف وقف إطلاق النار للعام 1991. فقضيتنا قضية عادلة وشعبنا قوي بجيشه المقدام وبوحدته والتحامه خلف رائدة كفاحنا التحريرية، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وهكذا فإيماننا ويقيننا جميعاً قوي وراسخ من أن مسيرة كفاح شعبنا ستتواصل حتى تحقيق النصر الذي هو قادم لامحالة بإذن الله تعالى مهما كلف ذلك من تضحيات.

سؤال : كلمة أخيرة الجاليات الصحراوية في أوروبا؟

جواب: الجالية الصحراوية في أوروبا في مختلف نقاط تواجدها هي رافد هام من روافد الفعل الوطني الصحراوي الذي تؤطره مؤسسات الدولة الصحراوية وتقوده الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. وبالتالي، فعليها مسؤولية المساهمة النوعية في مسيرة الكفاح والتحرير من خلال ما تقوم به من فعاليات التحسيس والدعم والمرافعة عن القضية الوطنية داخل الوسط الأوروبي.

وفي هذا الإطار، أود التعبير عن تقديري الكبير لما تقوم به الجالية الصحراوية في أوروبا من أنشطة على كل المستويات وتفاعلها مع الأوساط السياسية والنقابية والثقافية والأكاديمية في البلدان الأوروبية وتنظيم المظاهرات وإلى ما ذلك من برنامج سياسية واجتماعية وتعليمية لفائدة أفراد الجالية الصحراوية.

كلمتي الأخيرة لكل أفراد الجالية الصحراوية في أوروبا هي فقط للتأكيد على ضرورة الوعي بحساسية الظرف الذي تمر منه قضيتنا الوطنية وبالتالي ضرورة التعبئة التامة والاستعداد للبذل والعطاء في سبيل الشعب والوطن من خلال التمسك بالوحدة الوطنية والدفاع عنها والتمسك بمبادئ وعقيدة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي.

كما هو معلوم جيداً، فدولة الاحتلال المغربية تستخدم كل الوسائل المادية والبشرية في حربها العدوانية على شعبنا بما في ذلك الحرب النفسية بأدواتها المختلفة من الشائعات والتضليل والمعلومات والأخبار الكاذبة مستغلة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها وذلك بهدف تثبيط الهمم وزرع الشك واستهداف المعنويات بشكل عام. وبالتالي، فعلينا جميعاً الحذر ثم الحذر من دعاية العدو وحربه النفسية وما يروج له من أخبار كاذبة في الداخل والخارج، والرجوع دائما إلى المؤسسات الوطنية الرسمية كمصادر للأخبار والإخطار والتحليل. وفي هذا الإطار، فلا شك في أن لرابطة الصحفيين والكتاب الصحراويين بأوروبا دور كبير ومهم في نقل المعلومة الموثوق بها والتصدي لدعاية العدو وكذلك التوعية والتنوير بكل ما يخدم قضيتنا وأهادف شعبنا المقدسة.

وفي الختام، أريد أن أكد من جديد على أنه مهما صعدت دولة الاحتلال المغربية من بطشها وترهيبها ومهما حشدت من أسلحة دمار ومهما استقوت به من تحالفات، فإنها لن تنال أبداً من عزيمة شعبنا وتصميمه القوي على مواصلة كفاحه المشروع لبلوغ أهدافه المقدسة وغير القابلة للمساومة في تقرير المصير والاستقلال الوطني وبسط السيادة على كامل ربوع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق