كتاب وآراء

 ليس العماء بفقدان البصر فقط، وانما بطمس البصيرة ايضا.

قد تدرك ببصائرنا ما لا تراه  ابصارنا، واحيانا يعجز ادراكها كلية عن فهمه، فتمر علينا اشياء وتفوتنا معانيها وكأننا لم نراها قط، ونتيجة لذلك قد نقع في فخاخ لم نتوقعها بتاتا،  مما يجعلنا في احيان كثيرة نلح  في طلب مصلحة عاجلة على حساب مصالح مؤجلة لا تضاهيها فائدة : “اللگمة اللي تمنع شبعة”، و”اللگمة اللي اتقصص اشبه منها الْحِيسْ”.

إن المصلحة الوطنية هي مصدر وضامن وحامي وأُمُّ كل المصالح، وإن مست تنهار كل المصالح ويدخل “لعصام” في خطر قد لا يبقي ولا يذر. نسأل اللّٰه ان يوفقنا ويثبتنا على العهد، وان لا يجعل اهتمامنا بمصالحنا الخاصة فوق انشغالنا بمصالحنا الوطنية العامة، لان ذلك يقضي عليهما معا، فالتفريط في المصلحة الوطنية العامة يقضي على كل المصالح  الخاصة في إطارها الوطني، وقد يلاحظ اليوم أن كثير منا يفوته ذلك، وينسى او يتناسى المصلحة الوطنية ويقايضها بمصلحة ذاتية تبدو له ممكنة، مما يجعله “يَرْظَعْ وْ لاَ يَرْوَ”، فإن كان فينا سذج لا يرون اسبقية مصلحة وطنهم على مصالحهم الذاتية، فيساقوا ضدها كـ”آزوالاي”، أتمنى ان يظل فينا من اولي الالباب ممن يتصدى لذلك  ليجعل تلك الآفة ظاهرة عابرة، حتى لا نكون مثل الراعي الذي وشى للعدو بـزعيم الثورة في بلاده، وحين سئل لماذا وشى برجل وهب حياته من اجله؟، قال: لان حربه كانت تخيف غنمي. فيكفي ذلك مثلا لمن  يسعى في طلب  مصلحة خاصة  ضيقة قد لا تسمنه من جوع ولا تؤمنه من خوف امام بطش العدو واطماعه وجشعه  ونواياه الخسيسة .

لقد عُرف شعبنا منذ الازل بصفات حميدة فريدة، منها الوطنية والكرم والشجاعة والعفة ونبذ الرذائل وبذل الغالي والنفيس لاجل الكرامة وتعلقه بالفضل والفضيلة، فمن كرمه وحبه لوطنه وشجاعته ان الفرد فيه يبذل روحه دون تردد دفاعا عن الوطن صيانة لمكارم الاخلاق والشيم النبيلة لشعب تعج مسيرته المظفرة بعطاء غير محدود لا مكان  فيه لمنفعة ذاتية.

ان من كانت هذه سيمه لا يعقل ان يخاف خوف غنمه، بل وحاشاه من ذلك.

ان بصيرة من ينتمي لهذا الشعب الكريم ينبغي لها ان تعلو بنفس صاحبها عن البوتقة الضيقة التي يتسلل منها العدو ويتخذها مختلا للقضاء على مشروعنا الوطني الذي دفعنا قوافل الشهداء ثمنا له وقد عاهدناهم على المضي في هذا السبيل حتى تحقيق الاستقلال . مصداقا لقوله تعالى :

وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [النحل: 91، 92].  صدق اللّٰه العظيم.

بقلم : محمدفاضل محمد اسماعيل obrero

 مع اطيب التمنيات لشعبنا بسنة مليئة بالمكاسب والانتصارات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق