كتاب وآراء

الأمم المتحدة ومسرح العرائس !‎

لقد برهنت كل تقارير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش ، على أن منظمته لا حول لها ولا قوة في فرض قوانين العدالة وقرارات ومواثيق الشرعية الدولية ، ولذلك جاء تقريره الأخير كسابقيه ، ولم يخرج عن نطاق المصالح التي تستغلها فرنسا للمتاجرة بقضية الصحراء الغربية في مجلس الأمن الدولي ، دفاعا عن أطروحة زائفة يتبناها الإحتلال المغربي اللا شرعي لهذا الإقليم ، وهكذا أصبحت منظمة الأمم المتحدة مجرد سوق للنخاسة ، وملهى ليلي لحبك مختلف المناورات والسيناريوهات الخبيثة ضد إرادة الشعوب وتطلعاتها نحو الأفضل .

لقد أصبحت الأمم المتحدة تشكل أرضية خصبة لتفشي كل مظاهر الظلم والفساد السياسي والأخلاقي في العالم ، وهو ما إستغله المغرب ضمن حملة إعلامية ودبلوماسية مسعورة ، تهدف إلى شرعنة إحتلاله للصحراء الغربية ، من خلال إستثماره في عامل الوقت وإطالة أمد النزاع القائم بينه وبين جبهة البوليساريو ، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ، وتسخيره فوق ذلك كل إمكانياته وجهوده لمغالطة الرأي العام الدولي وتضليله عن حقيقة الواقع ، هذا فضلا عن سعييه الحثيث للتغلغل داخل مراكز القرار ومحاولة قلب الحقائق ، وناهيك عن إنتهاجه سياسة شراء الذمم والمواقف ، التي إنطلت على بعض الدول وكانت بمثابة السحر الذي إنقلب على الساحر ، بعدما تكشف زيف إدعاءات المغرب وعدم مصداقيته ووفائه بوعوده ، التي قطعها لبعض الدول الفقيرة التي تبني سياساته على التسول والإسترزاق بدل المبادئ وإحترام مثل وقيم العدالة والشرعية .

إن هذه المساعي الظالمة ، التي يمارسها النظام الملكي المغربي صباحا ومساء وفي كل مكان ، للنيل من عدالة وشرعية القضية الصحراوية ، لم تكن كافية وحدها لجعل المغرب يتمادى في رهانه على مدى عزيمة وإصرار الشعب الصحراوي على تقرير المصير والإستقلال ، لولا تخاذل بعض الصحراويين وعمالة بعضهم الآخر ، وحسن النية المفرط الذي ظلت تبديه جبهة البوليساريو من خلال التعاطي مع أوهام الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ، وعدم إصرارها وحلفاؤها على إتخاذ موقف حاسم ، من شأنه إحداث نقلة نوعية في ملف القضية الوطنية ، الذي راوح مكانه منذ ما يقارب ثلاثة عقود من حالة اللا حرب واللا سلم ، وكان السبب في ذلك كله هو حسن الإصغاء والمتابعة لمشاهد من سراب ، تمثلها دمى وعرائس تتحكم في حركتها الدول العظمى ، دون أن تبالي بما يطال سواها من ظلم سافر ، ومن مآس ونكبات جراء مفاهيم مخادعة ومصطلحات مقلوبة ، تحولت على إثرها المطالبة بصيانة حقوق الانسان المشروعة إلى إثم كبير ، وقيم الحرية والديمقراطية إلى بلاء مهول ، عصف بالكثير من الدول وبإرادة شعوبها إلى الهاوية ، ولنا في ضحايا ما سمي حينها ب ” الربيع العربي ” خير مثال على ذلك .

أملنا كبير في أن يعرف العالم إنفتاحا على العدالة ، وأن نرى مشاهد واقعية تنافي حالة العجز والخذلان السائدة في منظمة الأمم المتحدة منذ زمن بعيد ، والتي تقف وراءها رغبات الدول النافذة ، التي باتت تتحكم في كل شاردة وواردة في هذه المنظمة الدولية ، وخيبت آمال المظلومين وتطلعات المضطهدين في مساعيها الفاشلة ، التي لم تحقق أية نتيجة تذكر من أجل فرض العدالة وإستتباب الأمن والسلام في العالم .

وكون إيمان الشعوب المحبة للعدل والسلام كبير وكبير جدا في إرادة الحياة الحرة الكريمة ، ظهرت الصين كمنافس إقتصادي بالدرجة الأولى للولايات المتحدة الأمريكية ، وتعاظم التحالف الذي يجمعها بكل من روسيا وكوريا الشمالية ، وتسير في فلكه دول معتبرة كإيران والجزائر لا الحصر ، تبلور بصيص أمل ومعطى واقعي من شأنه أن يفرض نوعا من التوازن في السياسة الدولية ، وأن يجعل العدالة تأخذ مجراها يوما ما ، على الأقل بعدم تغليب لغة المصالح كلية ، على قرارات ومواثيق الشرعية الدولية ، المستباحة في العديد من قضايا الظلم والطغيان المنتشرة في الكثير من أرجاء هذا العالم ، الذي ما زال يحتكم إلى قانون الغاب ، وشبع فيه القوي من لحم الضعيف بمسوقات لا أساس لها ، ولطالما فندها الواقع وكشف النوايا السيئة  لأصحابها .

بقلم : محمد حسنة الطالب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق