مقالات

مشاعر الناس يا ناس .. !!..

عبداتي لبات الرشيد
“.. العبارة العربية كالعود، إذا نقرت على أحد أوتاره رنت لديك جميع الأوتار وخفقت، ثم تُحَرَّك اللغة في أعماق النفس من وراء حدود المعنى المباشر مَوْكباً من العواطف والصور ..” ..
أثناء محاولتي كتابة أخر تدوينة نشرتها هنا على صفحتي عن “زوگ” حالفني الحظ أن كنت رفقة أستاذ لغة عربية وهو صديق عزيز كنت دائما أبعث له ببعض “خربشاتي” قبل نشرها ليصححها ويعيدها إلي .. وأثناء مراجعتي للتدوينة الأخيرة كنا معا في مطار هواري بومدين الدولي لتوديع صديق مشترك بيننا، لقد أزعجت الأستاذ كثيرا وأنا أحاول أن ألفت إنتباهه الى ما أكتب ليراجعه ويصحح لي الأخطاء في النص .. كان يصحح لي ثم أعود وأسأله عن قاعدة ما في اللغة العربية لأكتبها في مذكرتي ثم أعود وأسأله مرة ثانية عن قاعدة أخرى او عن كيفية كتابة كلمة معينة او كيف يمكنني نسج جملة ما .. لقد إنزعج الأستاذ كثيرا دون ان يخبرني بذلك لكنني كنت أرى ملامحه تتغير بمجرد أن أقترب منه مجددا .. كان الرجل رفقة صديقه في المطار وكان يرغب في ربح الوقت للحديث إليه لكنني سرقت ذلك الوقت كله في سبيل تصحيح “خربشة” قبل نشرها ..
عندما ذهبنا معا وفي طريق العودة بدأ الأستاذ يبتسم وأخبرني عن إعجابه بإصراري على تصحيح نصوصي حتى وإن أزعجته مضايقتي له في المطار ثم بدأ يحدثني عن أنه إضطر الى إلغاء حسابه على موقع التواصل الإجتماعي في “فيس بوك” فقط لكثرة ما رآه من إجرام في حق اللغة العربية وقتل وتدمير للغة الضاد ولكثرة ما شاهد من فضائح في نصوص المدونين وأخبرني أنه كان يضحك حد البكاء من هول ما يرى من كوارث وفضائح وأخطاء إملائية ولغوية وأدبية وفكرية لا تغتفر ..
وقبل مدة تعرفت الى أستاذ أخر للغة العربية هو كاتب ومفكر ومثقف من موريتانيا بادر الى التواصل معي وأخبرني بإعجابه بالأفكار التي أطرح في تدويناتي قبل أن يعبر عن إنزعاجه من الأخطاء اللغوية والإملائية التي أرتكب أحيانا قائلا أن خطأ إملائيا او لغويا واحدا يمكن أن يفسد النص مهما كان جماله ومهما كانت أفكاره أنيقة او طرحه مقبول .. بعد ذلك كنت أبعث له ببعض خربشاتي ليصححها وأحيانا كان يراسلني على الخاص لينبهني الى خطأ ما في النص ثم أصححه .. ومرة قال لي عزاءك الوحيد أن تدويناتك تحمل أفكارا جميلة ورشيقة وأن أسلوبك أنيق ولكن صدقني عليك بدراسه اللغة جيدا وستصبح مقالاتك قمة في الروعة وأما قبل ذلك فسيظل ينقصها الكثير لأن أخطاء اللغة قاتلة وهي حادة كالسهم حين تصيب قلب متذوق للغة الضاد وتصيبه وتصيب مقالك أيضا في مقتل .. ثم تابع .. لكن إصرارك على التعلم وقبولك للنصيحة وتصحيحك لنصوصك وإحترامك لجمهورك يجعلني مطمئن بأنك ستصل يوما ما بمساهماتك لأن تكون تحفة أدبية مدهشة ورائعة ..
لقد أخبرني الأستاذان بإنزعاجهما من نصوص ومقالات وتدوينات كتاب هذا العالم الإفتراضي قائلين أن معظم التدوينات هي كتلة من الفضائح والكوارث الإملائية واللغوية والفكرية وهي تسيء الى أصحابها قبل كل شيء وتجعل منهم أضحوكة بين جمهورهم حتى وإن علق بعض منه مجاملا او وضع أخرين علامة إعجاب على إستحياء ..
المصيبة أن الأخطاء الفادحة نقرأها أيضا في نصوص البيانات والتقارير والرسائل الرسمية سواء تلك التي تنشر على الشبكة بشكل علني او تلك التي يتم توزيعها ورقيا في حيز ضيق ومحدود .. أخطاء لغوية وإملائية بدائية وكارثية تجعل من تلك البيانات والرسائل والتقارير مسخرة ومهزلة حقيقية وأحيانا كنت أدعو الله أن لا يقرأها ولا يراها أحد يعرف ويتذوق اللغة العربية ..
لطالما إرتكبت أخطاء لغوية وإملائية ولطالما وقفت أتصبب عرقا عندما ينبهني أحد الى خطأ ما في خربشة نشرتها للتو وكنت أخجل من نفسي عندما أرتكب خطأ إملائيا او لغويا بدائيا وعزائي الوحيد أنني أحاول دائما تصحيح “خربشاتي” عدة مرات قبل نشرها وأنني أتصل بأساتذة لمساعدتي وأن تصحيح الأخرين لأخطائي يفرحني وأتقبله بكل سرور وأعتبره إنقاذا لي من الفضيحة وليس تشويها او تقليلا من شأن ما أكتب وأنني مازلت قادرا على مراعاة مشاعر الناس وذوقها اللغوي عندما أفكر في نشر أي خربشة جديدة ..
قد لا يمكننا جميعا كتابة نصوص مثالية ومهما بذلنا من مجهود لابد وان نرتكب أخطاء لغوية وإملائية وحتى أكبر الكتاب يرتكبون أخطاء أحيانا وفي بعض الكتب والمؤلفات الكبيرة نجد أحيانا هفوات مطبعية ولغوية ولكن “شي دون شي” يا الناس .. فأحيانا والله تلاحظ أن هذا الشخص نشر تدوينته دون حتى أن يكلف نفسه عناء النظر إليها ولو لمرة واحدة قبل النشر من أجل تصحيح على الأقل الأخطاء الواضحة التي وقع فيها بسبب التسرع وصغر جحم ربما لوحة المفاتيح التي ينقر الحروف بأصابعه عليها لتأخذ مكانها في النص .. !! ..
فصححو يا ناس نصوصكم ومقالاتكم وتدويناتكم قبل نشرها على الأقل حتى تكون نسبة الأخطاء فيها قليلة وغير كارثية فإن خطأ اللغة والإملاء وخاصة عندما يتكرر يقتل جهدك وفكرتك ويقتل سمعتك ويقتل معك جمهورك ويصيبه بالإحباط وأحيانا بالغثيان والإكتئاب ..
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق