كتاب وآراء

الكركرات في 13 نوفمبر 2020: أين كانت المينورسو؟ أو لماذا فُرض على الصحراويين العودة للحرب؟

بقلم: إيصابيل لورينصو، ترجمة: ناجي محمد منصور.

تجمع بتاريخ 21 أكتوبر 2020 رجال ونساء وحتى أطفال صحراويين أمام ثغرة الكركرات غير الشرعية التي فتحها المغرب في المنطقة العازلة في الصحراء الغربية المحتلة طبقا للقرار 37/34 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1979 والقرار رقم 35/19 الصادر سنة 1980. فتحت هذه الثغرة بطريقة مخالفة للقانون الدولي من طرف الاحتلال المغربي تحت ذريعة مرور السيارات المشاركة في سباق رالي باريس – دكار سنة 2001. وبقيت مفتوحة منذ ذلك التاريخ، وصارت مصدرا للتوتر، وهو ما حذا بالأمناء العامين للأمم المتحدة التحذير من خطورتها على الاستقرار في المنطقة، والدعوة إلى إغلاقها.

إلا أن الأمين العام الحالي للأمم المتحدة أنطونيو غويتيريش بدأ يصف في تقاريره تلك الثغرة اللاشرعية ب “ممر لعبور السلع والأفراد” كما لو أننا نتحدث عن شارع لا ليبيرتاد، أو شارع لا غران بيا، أو شارع الشونزيليزيه.

ومما يؤسف له أن الكثير من الناس، نتيجة للجهل بحقيقة الأوضاع على الأرض، يتحدثون عن طريق بين الحدود المغربية والموريتانية…
إلا أن المغرب ليست له حدود مع موريتانيا ولم تكن له أصلا، ويكفي لمعرفة الحقيقة مراجعة خريطة العالم الرسمية التي تتبناها الأمم المتحدة.

توجد الكثير من الأخطاء الرائجة بين الرأي العام، كتسمية الصحراويين مثلا بالاستقلاليين أو الانفصاليين…إلخ. وهي تسميات لا تمت للواقع ولا للحقيقة بصلة، لأن الصحراء الغربية لم تكن أبدا جزءا من التراب الوطني المغربي، بل هي أرض محتلة بوجه يخالف القانون والشرعية، لذلك ليس من المعقول الحديث عن استقلالها أو انفصالها. فالصحراويون لا يريدون الاستقلال عن المغرب أو الانفصال عنه، بل يريدون استكمال سيادتهم على جزء محتل من ترابهم الوطني، إنهم يريدون تقرير المصير.

وبالعودة لموضوعنا الأساسي المتعلق بالكركرات. فقد لاحظنا حضورا لافتا، منذ اليوم الأول من مظاهرة المدنيين الصحراويين، لعناصر المينورسو (بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية).

وتجدر الإشارة إلى أن بعثة المينورسو لم تنجز مهمتها التي جاءت من أجلها سنة 1991، إلا وهي تنظيم استفتاء تقرير المصير بالصحراء الغربية. ونسجل في هذا السياق أن الكثير من المداد سال وأشيعت الكثير من الأقاويل أيضا، بسبب غياب الاطلاع والغفلة، حول استحالة تنظيم الاستفتاء بسبب خلاف حول من له أحقية التصويت. ولكي يكون القراء على دراية بحقيقة الأمر نقول لهم أن الصحراويين قبلوا تسجيل مستوطنين مغاربة في لائحة المصوتين في الاستفتاء، إلا أن المغرب رفض هذا الأمر. وقد تجاهل المغرب أيضا مقترح الصحراويين بإدراج خيار الحكم الذاتي في خيارات التصويت المطروحة في الاستفتاء إلى جانب خيار الاستقلال والانضمام.

والمينورسو التي كانت حاضرة بعناصرها وعرباتها وحواماتها منذ 21 أكتوبر، اختفت بشكل مريب فجر 13 نوفمبر عندما هجم المغرب على المدنيين الصحراويين.
هل نزل الوحي على جميع مستخدمي بعثة المينورسو وجنودها وصاروا على علم بما سيحدث يوم الجمعة 13 نوفمبر؟ الجواب هو: لا.

وحسب مصادر من عين المكان فإن قوات المينورسو غادرت بكاملها نحو المناطق المحتلة ساعات قليلة قبل هجوم القوات المغربية.

وقد ضاعف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتيريش الآن من اتصالاته قائلا أنه يريد إنقاذ مخطط السلام. وأنه منشغل إلى حد كبير على إثر تدهور الوضع في المنطقة. إلا أنه في نهاية شهر أكتوبر رفع تقريرا لمجلس الأمن قال فيه أن الوضع مستتب وهادئ.

إلا أن الهدوء الذي يسعى إليه الصحراويون مختلف عن الهدوء الذي يريده السيد الأمين العام للأمم المتحدة. فالهدوء الذي يريده الصحراويون هو هدوء يخلو من الاعتقالات التعسفية، والاختطافات، والاغتصابات، والسجن، والمحاكمات الصورية، والتفقير القسري، ونهب الثروات الطبيعية، وحصار منازلهم واقتحامها عنوة، والتحرش بأبنائهم وتعذيبهم في المدارس، والاهمال الطبي المتعمد، والاغتيالات، وهدم الممتلكات، وقتل قطعان الإبل، والألغام المضادة للأفراد، وبتر الأطراف، والنفي القسري، وتفريق العائلات، وجدار الفصل العسكري الأطول في العالم الذي يمتد على طول 2720 كيلومتر. لا أيها السيد الأمين العام أنطونيو غويتيريش، هذا ليس وضعا هادئا ولا مستتبا بالمرة.

لقد صبر الصحراويون صبر أيوب على انتظار تنفيذ الوعد بتنظيم الاستفتاء، وصبروا على الخيانة تلو الأخرى منذ سنة 1991، وفقدوا في الأخير ثقتهم في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، فقدوها أيضا في بعثة المينورسو. بعد كل هذه العقود من الضحك على الذقون، بلغ السيل الزبى بالشعب الصحراوي، حتى أصبح يعتبر الحرب أهون الشرين.

ولن تكون أي حرب بين الصحراويين والمغاربة مجرد نزهة وحرب محدودة، بل سيصل لظاها إلى الكثير من الدول.

وهي حرب ستنتهي بمجرد اشتعال فتيلها بأيام إذا اضطلع مجلس الأمن الدولي بمهمته في اتخاذ اجراءات ملموسة وعاجلة تقضي بتفعيل قرارات الأمم المتحدة والوعد الذي لم يتم الإيفاء به إلى حدود الساعة.
يعتبر الصحراويين نموذجاً لاحترام السلم، إلا أنهم يُدفعون الآن إلى الحرب دفعاً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق