صحف عالمية

قرارات الأمم المتحدة التي تصنف المغرب كقوة احتلال

بقلم السيد حمدي يحظيه

في سنة 1975م، احتل المغرب الصحراء الغربية على ظهور الدبابات، وخلال توغل تلك الدبابات في الإقليم، كانت تطحن تحت جنازرها الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية قبل أن يجف حبره، والذي يقول آن لا سيادة تاريخية للمغرب على الصحراء الغربية، ويجب أن يطبق القرار 1514 الصادر سنة 1960م الخاص بتصفية الاستعمار وتقرير المصير.  كانت تلك الدبابات الغازية تطحن، أيضا، كل قرارات وأوراق الأمم المتحدة التي كانت، منذ سنة 1965م، تنادي بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية وتقرير مصير شعبها. ورغم ضعف فعالية القرارات الأممية التي تلت الغزو، وعدم وجود آلية متكاملة لفرضها على الأرض، إلا أن بعضها، أحيانا، كانت له قيمة قانونية وتاريخية يمكن الاعتماد عليها دائما. فمثلا، في بعض قراراتها صنفت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بوضوح ووعي وصراحة في نهاية سبعينات القرن الماضي، المغرب كقوة احتلال للصحراء الغربية تقوم بوظائف أي استعمار في التاريخ. هذا التصنيف المهم الذي حدث بقرارات دولية أممية واضحة، مُعَلّمة ومرقمة، وبتاريخ- الساعة، اليوم، الشهر والسنة- لم يتناوله أحد سابقا بالوضوح والترويج الذي يستحق، وأمَّا إذا كان تم تناوله، وهذا مستبعد ونادر أو ضعيف، ففي نشرة أخبار سريعة أو بشيء من التعميم غير المفصل الذي لا يجعل المغرب يخجل أو تتم محاصرته ولا يجعل المتابع للقضية الصحراوية يخرج بفكرة واضحة ودقيقة. فإذا كان المغرب هو قوة احتلال مكتملة الوظائف والجرائم، سواء أعلنتها الأمم المتحدة أن لم تعلنها، فإنه اليوم يقول، بجسارة تصل حد الوقاحة، أن الأمم المتحدة لم تصنفه يوما ما كقوة احتلال، ولم تلجأ إطلاقا إلى ذِكر كلمة/ مفردة/ مصطلح احتلال في أي قرار من قراراتها الكثيرة التي تجاوزت الخمسين قرارا بكثير. اتذكر أنه في مرة من المرات قال لنا أحد مسؤولي المينورصو في المخيمات، اسمه جينس، أنه لا توجد قرارات أممية تقول إن المغرب هو قوة احتلال. هناك عدة أسباب لهذا التعتيم، والسبب الأول، وربما الأهم، في عدم الترويج واعطاء الأهمية لقرارات الأمم المتحدة التي تصف وتصنف المغرب كقوة احتلال، راجع إلى ضعف تقني ومعلوماتي وإعلامي عند الشعب الصحراوي. فالصحراويون، بما إنهم في اللجوء وبلا اقتصاد وبلا إمكانيات، لم يستطيعوا خلق طاحونة إعلامية ساحقة ماحقة تستطيع الدفاع عن حقوقهم العادلة وتعطي شهرة للقرارات الدولية التي تضفي قوة لحجتهم في مقاومتهم للاحتلال. النقطة الثانية، هي أن القرارات التي صنفت المغرب كقوة احتلال صدرت في وقت لا إعلام فيه ولا دعاية ولا شبكات تواصل اجتماعي مثلما هي عليه الحال اليوم. الآن نصل الى جوهر ما نريد الوصول إليه وهو القرارات التي صنفت صراحة المغرب كقوة احتلال. نبدأ بالقرار رقم  (34/37)، الصادر يوم 21 نوفمبر 1979م على الساعة الحادية عشر ونصف صباحا، فنجد أن النقطة الخامسة فيه تقول: تتأسف- الجمعية العامة للأمم المتحدة-  بعمق للخطورة التي آل إليها الوضع بسبب الاحتلال المتواصل للصحراء الغربية من طرف المغرب، وتتأسف لتوسع هذا الاحتلال الى الأراضي التي كانت تحتلها موريتانيا؛
النقطة السادسة: تطلب- الجمعية العامة- من المغرب، أيضا، أن يساهم في ديناميكية السلام وأن يضع حدا لاحتلال الصحراء الغربية.
في هذا القرار لا يحتاج الشخص مشقة في تأويل او ترجمة النقطتين المذكورين سابقا لأنهما يذكران، بدون مواربة كلمة الإحتلال كصفة للمغرب الذي يحتل الصحراء الغربية. ولا يتم ذِكر المغرب كقوة احتلال في هذا القرار وحده، لكن، أيضا، يتم وصفه وذِكره في القرار رقم 35/19، الذي صدر يوم 11 نوفمبر 1980م. في النقطة الثالثة من القرار المذكور تعيد الجمعية العامة للأمم المتحدة، بإصرار ووعي، تأكيد ما صدر عنها في القرار السابق (34/37 سنة 1979)، أن المغرب هو قوة احتلال. تقول النقطة الثالثة من القرار الخاص بالصحراء الغربية  الصادر سنة 1980م مايلي: تعلن من جديد- الجمعية العامة- عن قلقها العميق من مواصلة تدهور الوضع الناتج عن استمرار الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، وتوسع هذا الاحتلال الى الجزء الذي كانت تحتله موريتانيا.
هذا ليس تجني على المغرب ولا تلفيق قرارات ضده، إنما قرارات أممية واضحة مرقمة ومؤرخة بدقة متناهية لا يتسرب الشك إلى فحواها أو تاريخها، وهي مؤرشفة ومحفوظة. ذِكرُ هذه القرارات الآن هو فقط لجعل المغرب يخجل من تصرفه، ويفرمل جسارته التي لازال يمعن فيها كأنما لا يعرف أن الكثير من الحقائق التي يريد طمسها ستظهر أيضا. هذه القرارات الواضحة التي يعتبر ايقاظها الآن همسا في أذن التاريخ، ستساعد، بدون شك، المهتمين بالقضية كي يعرفوا أكثر عن الإحتلال المغربي.

السيد حمدي يحظيه، كاتب من الصحراء الغربية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق