كتاب وآراء

طير الكناري في المصيدة…

بقلم حمدي حمودي

رحلة الحكومة الاسبانية الى المغرب هل هي طرق ملتوية للدعم الإسباني المالي للمغرب في حربه ضد الشعب الصحراوي؟
يتمدد الألم وسيالته العصبية، عابرا مناطق الصحراء الغربية، متجاوزا عباب المحيط الأطلسي، ليحل في بيوت الكناريين الذين عاشوا قرونا على صيد السمك من مياه أرض الشعب الصحراوي وسواحله الأغنى في العالم، وحتى رمال الصحراء الغربية تفرش تحت ظهور سياحهم الذين يمددون عراة في المساحات أمام فنادق تطل على البحر في شمس الصيف الممتعة.
ظلت الصحراء الغربية مغذية للعصفور أو الطير الكناري وأصبحت الرمال الصحراوية أعشاش رفاهية جديدة.
لكن اليوم تنطلق عشرات الزوارق المغربية حاملة بدل السياح الأثرياء، مهاجرين مغاربة يبدو البؤس والشقاء والفقر على محياهم ذاقوا ما ذاقوا في مغرب الملك محمد السادس الذي تحت ضغطة الريموت كونترول منه قدموا، مسببين أزمة خانقة على الاقتصاد الكناري الذي تنخر فيه سوسة وباء كوفيد19 وتوقف حركة عجلة الاقتصاد مع احتمال توقف الصيد البحري في منطقة الحرب في الصحراء الغربية التي أعلنت الجمهورية الصحراوية أن المنطقة منطقة حرب لكل العالم وقد يصاد من يريد صيد ونهب وسرقة ثروات الشعب الصحراوي.
أسباب الألم الكناري وخلفياته يتبدى بعضها في الحرب التي نشبت من جديد في الصحراء الغربية:
وحسب الإحصائيات الأخيرة وصل ما يفوق العشرين ألف الى جزر الكناري.
فبعد إعلان الحرب في الصحراء الغربية 13/11/2020 وصل بشكل يومي المئات من المغاربة والسود الموفدون الى العيون لإنباتهم في الصحراء الغربية أو استعمالهم كأوراق لتنويع المصدر الظاهري للهجرة بانه إفريقي غير انه في الواقع مغربي.
ظلت إسبانيا وإيطاليا ودول أوروبا بصفة عامة تطلق أبواق وصفارات الإنذار حينما تصل مئة أو مئات المهاجرين الى سواحلها أما إذا وصل الى الألف أو فاق قليلا فإن إسبانيا عادة ما تسارع الى الإتحاد الأوروبي للشكوى التي تنتهي بوضع اللفافة دون خياطة الجرح أو تعقيمه، بتقديم منح ومساعدات وقروض الى الملك المغربي الذي بزرة الريموت كونترول يتوقف التدفق ويختفي المهاجرون وتتوقف الزوارق ورزم وأكياس الحشيش التي أحيانا تكون احدى البدائل.
هل هناك مؤامرة أو حيلة؟ لدعم المغرب هذه الأيام؟
يشك كثير من المتتبعين أن عدم شكاية الحكومة الإسبانية الى الاتحاد الأوروبي من هذا التدفق الذي لم تحرك له ساكنا الى البحث عن مال يقدمه الحكام الإسبان من صندوق الاتحاد الأوروبي لدعم المغرب ولكن ذلك المال لن يكون بسبب هجرة مئات أو ألف أو ألفين بل عشرات الآلاف حيث يتناسب الدعم الذي سيقدم للمغرب مع عدد المهاجرين.
ويرى متتبعون أن الوفد الذي سيسافر الى المغرب سيحدد نوع الدعم المالي الذي سيتحول الى سلاح ومعدات تشترى من إسبانيا لاحقا.
نظرية المؤامرة لديها الشواهد ليس التاريخية المعروفة فحكومة إسبانيا لا تخفي دعمها للمغرب لكنها تغطيه فقط بغلاف رقيق كمكافحة الهجرة وكدعمها بسيارات الدفع الرباعي في قمة الأزمة في الكركرات 130 سيارة دفع رباعي لإعطاء إشارات خاطئة بأن ما يحدث ليس إلا جزء من تنقية الحدود المغربية.
نظرية المؤامرة لديها الشواهد الحديثة في الانخراط المستمر لرؤساء الحكومات الاشتراكية ووزرائها ابتداء من كونزالس الى الأخير ثاباتيرو الذين يستميتون في الدفاع عن الطرح المغربي بل يصبحوا لاحقا موظفين على شكل مستشارين لخدمة أجندة الاحتلال المغربي.
ويرى من خلال الاستنتاجات أن الحكومة الإسبانية تحضر مبلغ كبير تحاول مع فرنسا اقتطاعه من صندوق الاتحاد الأوروبي في مصلحة النظام المغربي.
زيارة الحكومة الإسبانية الى المغرب في هذا التوقيت الذي ليس بريئا خاصة بعد أن أعلن المغرب رسميا وعلى رؤوس الأشهاد انتهاكه الخطير لوقف إطلاق النار ونسفه لمخطط السلام.
تواجه الحكومة الإسبانية عدة عوائق في زيارتها:
-الاتهام المسبق بالتواطؤ التقليدي بين النظام الملكي في إسبانيا وحكومته الاشتراكية والنظام الملكي في المغرب الشيء الذي يصطدم مع المظاهرات المتواصلة التي تجتاح إسبانيا لدعم الشعب الصحراوي مما يضع الاتفاقيات والتفاهمات الأمنية خارج الإرادة الشعبية.
-عدم قدرتها على الدعم المباشر بسبب الأزمة الاقتصادية وهي الحيلة التي يبدو أن حلها يكون بإحداث أزمة في إسبانيا هجرة -مخدرات- إرهاب مسببها الرئيس هو المغرب [الذي كان على الاتحاد الأوروبي رفض ممارساته وعقابه خاصة أن الأزمة مفتعلة منه] تلجأ إسبانيا مدعومة فرنسيا الى تحويل مخرج حل الأزمة الى ضخ المال في الخزينة المغربية.
-لا يستبعد ما دامت الأزمات تضخ المال في الخزينة المغربية الفارغة أن تعاد في كل مرة وربما بصور أخرى كالمخدرات والإرهاب. مما يكشف بوضوح اللعبة الساذجة المعدة بغباء واضح بل تصير فضيحة وعار.
-رفض شعبي أوروبي إسباني كبير وخاصة من أحزاب اليمين وكذا من الأوساط الشعبية المتمثلة في البلديات والمقاطعات ويتشكل رأي عام متسارع يدعم استقلال الشعب الصحراوي خاصة مع تحول الكثير من الجمعيات الإنسانية الى خيار النشاط سياسي بتكرار نفش شعارات الصحراويين الغاضبين وأصبحت تتبلور فكرة أن الدعم الإنساني لن يفيد بدون إسناد سياسي.
-وجود جالية صحراوية نشطة وان لم تقارن في العدد مع الجالية المغربية لكنها نشطة وفعالة وعفوية وتتميز بالشجاعة والنضج والتمدن وحسن التنظيم.
-الضغوطات الشعبية المستمرة الداعمة للقضية الصحراوية فككت وحلت القيود عن كبريات المؤسسات الإعلامية الإسبانية التي كانت إما صامتة أو شبه متآمرة مع المخزن وجعلتها تميل بحكم فقدان المهنية الى كشف الحقائق.
-بحكم قرب الصحراء الغربية من إسبانيا فهي تواجه حربا على حدودها وهو امر لا يمكن تجاهله يقودها الشعب الصحراوي وتدق طبولها وتصم الآذان في كل بيت إسباني وان حاول المغرب الضغط على الحكومة الإسبانية لتقليل وهج الصواريخ والقنابل إلا أن أعضاء المينورسو يقدمون التقارير اليومية الى الأمم المتحدة التي تقر بأن الحرب نشبت فعليا.
-ستكون الانتخابات فيصل في فصل الكثير من البرلمانيين المرتشون الذين يساندون الطرح المغربي وبهوت بريقهم أمام الحركة الشعبية التي تطالب بوقف الاعتداء على الشعب الصحراوي.
الاستنتاج والتوقعات
الحكومة الإسبانية تحاول بالحيل القديمة مساعدة المغرب بجمع أموال ضخمة للنظام المغربي عن طريق الصمت عن ظواهر تهدد الأمن والسلم العالمي الهجرة السرية والمخدرات والإرهاب وأخيرا الحرب التي يمارسها النظام المغربي
والتي ستكون من خزينة الاتحاد الأوروبي كالعادة ولكنها تتقاضى عن معاقبة المغرب لإيجاد مصدر تمويل دائم للمغرب
فهل يستطيع الشعب الإسباني وحركته الشعبية إنتاج قوى تحاكي وقوف البرتغال مع تيمور الشرقية؟ وهل سيصمد المغرب أما عدم الإعلان عن الحرب ومغالطة العالم؟ وهل سيظل على حساب الشعب الإسباني قادة الحزب الاشتراكي والطبقة السياسية بعيدة عن روح الشعب الإسباني وصوته الصادح ضد الاحتلال المغربي لأراضي الشعب الصحراوي؟
وهل سينجح الساسة الإسبان في رحلة حجهم الى المغرب من تحويل أزمات المهاجرين الى أموال يشتري بها المغرب السلاح الذي يذبح به الشعب الصحراوي؟
الأيام ستجاوب..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق