كتاب وآراء

ديمستورا : البحث عن التمر في فحل النخل…

 


كثيرا ما تشدق الفرنسيون ب “الحل الواقعي”، واقع الحرب الذي عبرت عنه مملكة الرباط على شكل شكاوى، لم يسمع به الأمين العام للأمم المتحدة البرتغالي، ولم يحرك فيه جرة قلم، في تقريره الأخير، ذلك أنه يرى الأمر من تمنياته هو وأجنداته وتوصيات من نصبوه وقدموه جماعة “كونزاليس” ومن يجري جريهم، فما ذا نتوقع من نافخ كير؟
الحل الواقعي هو واقع الحرب التي تحصد الجنود المغاربة حصد المناجل الحادة للسنابل اليابسة، في أول حصيلة لجيش التحرير الشعبي الصحراوي الذي امتازت بياناته الحربية-العسكرية- وظلت معروفة وموسومة بالصدق والأمانة ومرجعا لكل الهيئات العالمية ومراكز الدراسات الدولية والتي يتلقفها الإعلام الصحراوي لاحقا بكل مسؤولية ودقة لينقلها بدوره الى العالم ككل. قدمها وزير الدفاع ورئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في مقابلة صحفية 59 قتيل وأعداد مماثلة من الجرحى دون أن يذكر الخسائر الكبيرة بطبيعة الحال في الأرواح والمعدات وهي مجزرة ومذبحة بما في الكلمة من معنى هذا في قصف واحد ونحن نقف على مئات الأقصاف التي لم تتوقف ليل نهار، ولا شك أن حصيلة ضرب الرقم في مئة يوم هي ما تجعلنا نفسر تلك المستشفيات الميدانية التي أقامها الجيش المغربي الغازي تباعا والتي تغص بالجرحى والحوامات التي تنقل من وراء الخنادق ليل نهار وسيارات الإسعاف التي يتحدث عنها المواطنون الصحراويون في المناطق المحتلة وحملات التكتم التي يمارسها العدو وأحزمة المطاردة من الدرك العسكري وراء جدران العار للفارين من جحيم الموت والدفن في القواعد المستهدفة بشكل يومي.
واقع الحرب في الصحراء الغربية، هي البيئة التي أرادها الملك المغربي ومن ورائه مصالح الدول التي يخدمها نظامه، ونحن لا ندري كيف يمكن لمبعوث الأمين العام أن يقدم حلا في واقع الحرب التي شرارها وذخيرتها تأتي من تل أبيب ودويلات الخليج، والتي أصبحت تؤرق منطقة شمال إفريقيا كلها وبالتالي القارة والعالم.
واقع الحرب لم يعد شيء يمكن طمسه ولا إخفاؤه ولا حجبه والاحتلال المغربي تخطى كل الخطوط الحمراء والصفراء والبيضاء وكل إشارات التحذير والإنذار بل يعمد يوميا ليس في الاستمرار في زرع ملايين الألغام في الصحراء الغربية بل زرع مصالح وبؤر لغرباء جدد على المنطقة سلم لهم ما بقي من المغرب بعدما باع كل شيء للفرنسيين والإسبان والخليج باع الأرض والعرض وأخيرا باع الدين للصهاينة والمستثمرين العرب العابثين.
بعدما أجهز الرباط على مشروع الاستفتاء بإعلانه الخروج على رؤوس الأشهاد في غطرسة وتكبر بقواته على المدنيين الصحراويين والتي كانت له في ذلك حسابات خاصة وترتيبات خاطئة وقراءات فاشلة.
لقد ظن بان ما شنه قبل ذلك بسنوات من حملات حرب الجيل الرابع على شعبنا بزرع كل ما يملك من أدوات وأساليب وطرق ومحتويات تستهدف، الوحدة الوطنية بأساليب القبلية والجهوية المقيتة، ثم مهاجمة كل الرموز ومحاولة التبخيس بالانتصارات والمعنويات وكيان الدولة الصحراوية ومؤسساتها التي يفخر بها كل شعبنا والتي بنيت حجرا حجرا واستشهد أغلى الأبناء على أن تكون وتظل قاعدة ثابتة تنتقل الى الدولة مبنية الى مبان حديثة في العيون والداخلة والسمارة وبقية المدن الصحراوية فالدولة الصحراوية قائمة ومبنية وثابتة رغما عنهم، ثم انتقلوا الى محاربة كل المنظمات والجمعيات الداعمة وتجفيف منابع الإسناد، وكذا زرع الآفات كالمخدرات وغيرها من الأمور التي لم يكن شعبنا يعرفها، وأخيرا بدأ غروره ينتقل الى الكيان العميق الى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء بمحاولات يائسة بشراء بعض الذمم والنفوس المنهزمة الضعيفة وتوفير ومرافقتها بالذباب الالكتروني وغير ذلك كثير.
كانت حرب الجيل الرابع طبقت نظرياتها بحذافيرها على شعبنا ووفرت كل الأموال وسطرت الأهداف وهيئت الوسائل والأدوات البشرية من أبناء الشعب نفسه ومن غيره وكان يبدو لهم ومن خلال نظرياتهم الخسيسة أن الأمر استحكم غير أنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
لقد كان يوم 13 نوفمبر 2020 يوما فاصلا في حياة الشعب الصحراوي والضربة حقيقة “البلايلية” بمفهوم كرة القدم التي عصفت بكل الأحلام والأوهام وجرفت كل الغثاء وأذابت كل أصنام الشمع.
لقد كانت هزيمة كبيرة، انعكاساتها وتداعياتها ستدرس وتعلم حيث استطاع الشعب الصحراوي أن ينجح بتفوق كبير في إفشال كل تلك المؤامرات وحرق كل الأوراق.
سر عظيم نحتاج الى الرجوع الى التاريخ لتفسير ذلك الى جذور الشعب الصحراوي الغائصة في الأرض، الى فهم أن الصحراء الغربية حينما تمطر السماء تتحول الصحراء الى جنة وجنان.
المقاتل الصحراوي اليوم يمطر كل ليلة بالعربات والصواريخ والقذائف المقبرة الممتدة على 2700 كلم المدافن وحفر الموت وستنبت ثمار الموت.
الواقع في الصحراء الغربية واقع حرب واقع تحرير وطن من محتل واقع تصفية استعمار واقع مفروض حتى كنس جند الدويلة الوظيفية المرفوضة إقليميا ودوليا وواقعيا التي تحمل في بنيتها بذور الفناء.
والسؤال المطروح ما ذا يريد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة من شعب 45 سنة في اللجوء وفي الشتات وتحت القمع في المناطق المحتلة؟ يجب أن يقنع الملك بترحيل عبيده وجيشه خارج أرض الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية العضو المؤسس في الاتحاد الإفريقي وإن كان لا يستطيع لذلك سبيلا فعلى الأقل إن يسعى الى فتح الحصار المضروب على المناطق المحتلة او على الأقل زيارة سلطانة خيا وما تمارسه أنظمة الملك القمعية والتي عجز ممثل السفارة الأمريكية عن الوصول اليها في زيارته للمناطق المحتلة.
يبدو لي أن ديمستورا يبحث عن التمر في شجرة فحل النخيل.

بقلم : حمدي حمودي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق