كتاب وآراء

الشعب المغربي المغبون

السيد حمدي يحظيه
خلق حراك الجزائر الشعبي الرائع والمدهش أول النكت العميقةالنكتة المذكورة لها علاقة بالشعب المغربي. حسب النكتة اجتمع جزائريون ومغاربة في قهوة، وأقسموا أن يعلنوا الحراك في بلديهم في نفس اليوم.اتفقوا ان يقفو في الساحة، ويبدأ الجزائريون، بما انهم شجعان، بالحراك قائلينيرحل بوتفليقة، ثم يتبعهم المغاربةذهبوا إلى الساحة ووقفواصدح الدزايريين قائلين: “يرحل بوتفليقة تحيا الجزائر“. حين انتهوا، قال المغاربة بصوت واحدعاش الملك، وهربوا.
النكتة، رغم انها مضحكة، هي في نفس الوقت تحمل مرارة حادة في العمقمعناها أن الشعب المغربي مغبون، وكلمة مغبون، في قاموس الدارجة في شمال افريقيا، تقترب كثيرا من معنى الغباء والحقرة والاقتراب من صفة القطيع“.
نعم، حراك الجزائر يمكن ان ينزع الغبن والبلاستيك عن الشعب المغربيفهذا الشعب – المغربي– رغم كثرة الامازيغ فيه– الامازيغي الرجل الذي لا يركع– ذبح نفسه بنفسه، وقطع اوردته وشرايينه بيده حتى أصبح شعبا مغبوناببساطة لإنه استسلم، وأصبح شعاره الله غالب،والخوف على الخبرة“. حلت الخبزة محل الكرامة، وحلت محل عزة النفس والانسانيةحين كانت الحرب في الصحراء الغربية تم أسر بعض الجنود المغاربة في منطقة اوسرد، وحين كان المقاتلون الصحراويون يسألونهم لماذا جئتم للحرب؟ قال لهم احد الاسرى: “ياودي جئت تابع خبزتي.” قال له المقاتل الصحراوي: “يخي ورطتك بعد هذي الخبزة اللي تميت تروغها من تل إلى الجنوب إلين لحكت بلد مارو.”
الجميع تغير والجميع تحرك، والجميع انعتق، وحتى المياه الراكدة تحركت، وشاع هواء وفرحة الديمقراطية في كل العالم وبقى المغاربة يُسبحون ويركعون ويرسلون صورا مخزية للعالمفصورتهم وهم يركعون ويقبلون أرجل الملك هي مخزية وذليلة وحاطة من القيمة الانسانيةلم يفهم الشعب المغربي، رغم قدراته، أنه يستطيع أن يكون مثل خلق اللهوليست صور الركوع والخضوع هي التي شوهت صورة وقيمة الشعب المغربي في الخارج، بل شوهوا انفسهم وهم يتعايشون مع صور سحلهم في الشوارع، وصور تكسير عظامهم وسلخهم في الساحات مثل الخرفانصور سلخ وتكسير الاساتذة، زبدة المجتمع، وهم يُسلخون ويُملخون في الشوارع وينامون على دمهم هي صور اية في البشاعة، وتبعث على التقزز والاشمئزازمشكلة هذا الشعب انه غير متحد، ولا يتحرك ككتلة واحدة.فالشعب الجزائري العظيم خرج في يوم واحد وملأ الساحات والمدن، شعاره وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر.في المغرب كانوا يخرجون، وكل يوم يخرجون تقريبا، لكن يخرجون كجيوب، وكنقابات وليس كشعب يطالب بالتغير والكرامةحين تتحدث مع أي مغربي، يقول لك وانت غير واثق في ما يقول انهم يريدون تغيير الحكومةفهذا النوع من الوعي هو مصيبة كل شيء في المغربمصيبة المغرب لا علاقة لها بالحكومة، لكن لها علاقة وثيقة بالمملكةأعلى سقف يفكر المغاربة فيه هو اسقاط الحكومة، رغم انها لا تعني اي شيء ما دام الحكم كله، بكل جزئياته، في يد الملك.
خرجت الحسيمة بكل ثقلها، وبكل ما تحمل من تاريخ وأنفة على ظهرها، وقاومت، لكن المدن الاخرى كانت تتفرج فيها وحتى تتشفى فيها حين كان لمخازنية يسلخون مناضليها كأنها ليست مدينة مغربيةحين تم كتم صوت الحسيمة خرجت جرادة للشارع، لكن حتى الحسيمة لم تقف معاها، ومثلما كانت جرادة تتفرج على الحسيمة تُسلخ، جاء الدور على الحسيمة كي تتفرج على جرادة تُسلخحين ينقض الذئب المخزني على مجموعة الشعب المغبون لا يفعل هذا الأخير اي شيء ما عدا التفرج والتأسيعلى الشعب المغربي ان يتعلم الدرس، ليس من الجزائر لكن من نفسهإذا أراد ان ينزع عنه الغبن عليه ان يخرج كله في يوم واحد سلميا، ويملأ شوارع الدار البيضاء والرباط، وسيكون من المستحيل سلخه وجره كله في الشوارع مثلما حدث مع الحسيمة وجرادة والاساتذة المتعاقدينفمهما كان عدد زبانية المخزن كثيرا فلن يكون كافيا لسلخ شعب بأكلمه.إننا الآن في عالم الاتصال والشبكات الاجتماعية، والتواصل في اسهل ما يكون، وفقط ينقص:
إذا الشعب يوما أراد الحياة، وليس إذا الشعب يوما أراد الخبزفالحراك متى كان هدفه الخبز والزيت كانت نهايته ملء الافواه والبطون، والنتيجة هي العودة إلى الدار في اليوم المواليالحسيمة، جرادة حراك الاستاذة كلها حراك من أجل الخبز والزيت، ولم يتم فيها رفع شعارات تنادي بالكرامةفي المغرب، وهذا نادر، ينقع الخبز والزيت، لكن بقيمة أكبر تنقص الكرامة، ومتى كان تاج الحراك الكرامة فإن حذاؤه سيكون الخبز والزيت.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق