كتاب وآراء

المخزن : صهيون المغرب العربي

في مطلع سنة 1972 ، في أوج نضالات الحركة الجنينية وهي تستعد لتأسيس جبهة البوليساريو و إنطلاق الكفاح المسلح، نشر أحد المناضلين الصحراويين بإيحاء من الشهيد الولي مصطفى السيد مقالا في مجلة ” أنفاس” المغربية الصادرة في شهر يناير تحت عنوان ” الصحراء فلسطين المغرب العربي”. هذا التنبوء أو الإستشراف ، يتأكد اليوم بالتصهين العلني للمخزن وتسليمه مفاتيح المغرب للكيان الإسرائيلي نكاية بالشعب الفلسطيني الصامد قبل الشعب الصحراوي البطل و بالتالي يجد الشعب الصحراوي نفسه وجها لوجه في حرب مع اسرائيل من خلال بيدقها المخزن الملكي و تكون بذلك الصحراء الغربية الوجه الآخر لفلسطين، غرب الوطن العربي.
لقد فتح المخزن مملكته للصهاينة ليقيمون فيها قواعد التجسس ومكاتب التخريب و إدارة المؤامرات على دول الجوار، التي استعص اركاعها و لم لا العدوان العسكري المباشرعليها لإخضاعها بالقوة ،خاصة أن هذه الدول هي الوحيدة التي ترفض الهرولة نحو الإستسلام و الخنوع أو ما يسمى اصطلاحا “بالتطبيع” و بذلك يكون “أمير المؤمنين” وحامي الملة و الدين و رئيس تحرير القدس و… قد أسقطع القناع عن وجهه الحقيقي و تبددت مساحيق تجميل مملكته المهترئة.
إن كان لايختلف إثنان حول العلاقة التاريخية للعلويين باليهود والصهاينة منهم بالخصوص ومستوى الخدمات الدنيئة التي يقدمها القصر الملكي لإسرائيل والتخطيط معها في السر والعلن ضد الشعوب العربية عامة، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح لماذا باركت حكومة حزب العدل و التنمية الإسلامي هذا التطبيع؟ و اين هم علماء و فقهاء و مشاييخ الزوايا و أئمة المساجد في المغرب مِن مَن تولّى اليهود و النصارى تشفيا بشعب فلسطين وشعوب الأمة الإسلامية قاطبة؟ بل أين هو الشعب المغربي الذي كثيرا ما إعتبر قضية فلسطين، قضيته الأولى؟
الملقب بأميرالمؤمنيين في بلاد المخزن وصل به الإنحطاط والفشل الى درجة المتاجرة الرخيصة بأقدس المقدسات الإسلامية: المسجد الأقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين و الذي هو جزافا يَدعي انه رئيس لما يسمى لجنة تحرير القدس.
“أميرالمؤمنين” يبيع فلسطين بالمجان و بدون مقابل اللهم تغريدة حول الصحراء الغربية على التويتر من طرف رئيس مهزوم، لا قيمة لها قانونا و لا تأثيرا لها على أرض الواقع وهي التغريدة التي صارت محل استخفاف وتنديد من طرف المجتمع الدولي بل حتى من داخل الإدارة الأمريكية نفسها ومن شخصيات وازنة من الدمقراطيين و الجمهوريين:
السيناتور جيمس إنهون رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الأمريكي يؤكد: “إن موقف الرئيس المنتهية ولايته لن يغير من الوضع القانوني للصحراء الغربية و حق للشعب الصحراوي في تقرير المصير”.
السيد إليوت إنجل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي يىصرح بأن إعلان الرئيس ترامب بالإعتراف بالسيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية ” يهدد جهود الدبلوماسية الدولية لحل النزاعات طويلة الأمد”
النائبة الديمقراطية بمجلس النواب الأمريكي بيتي ماكولوم بعد أن أدانت القرار” دونالد ترامب أحادي الجانب، الشعب الصحراوي له حق معترف به دوليا في تقرير المصير يجب إحترامه”
النائب باتريك ليهي “إن ترامب لا يمكنه “بإعلان” نفي القانون الدولي أو حقوق شعب الصحراء الغربية الثابتة”
السيد جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي السابق و المبعوث الأممي الى الصحراء الغربية ” يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تأسست أولا و قبل كل شيء على مبدأ تقرير المصير، قد إبتعدت كثيرا عن هذا المبدأ فيما يتعلق بشعب الصحراء الغربية، هذا أمر مؤسف”
السيد جون بولتن مستشار الأمن القومي السابق و الذي قاد الجهود لستئناف المفاوضات بين المغرب و البوليساريو طوال سنوات التسعينيات ” إعتراف الرئيس ترام مخطئا في التخلي عن 30عاما من السياسة الأمريكية بشأن الصحراء الغربية لمجرد تحقيق نصر سريع في السياسة الخارجية كان ممكنا ”
كريستوفر روس المبعوث السابق للأمم المتحدة الى الصحراء الغربية يصف إعلان الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب “بالقرار الأحمق و غير المدروس و يتعارض مع التزام الولايات المتحدة بمبادئ عدم الأستيلاء على الأراضي بالقوة
وحق الشعوب في تقريرالمصير و كلاهما منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة”.
الأمين العام الأممي السيد غوتيرس”الحلول في مسألة الصحراء الغربية لا تعتمد على إعترافات أحادية للدول بل على تنفيد قرارات مجلس الأمن”.
هذا فضلا عن المواقف العلنية الرافضة للدوس على القانون الدولي فيما يخص القضية الصحراوية و حق شعبها في تقرير المصير من طرف كل من الأمم المتحدة و الإتحاد الأوروبي و الإتحاد الأفريقي إضافة الى دول وازنة مثل روسيا، كندا، المانيا، ايطاليا، السويد، اسبانيا، الجزائر، نيجريا و جنوب إفريقيا و غيرها.
إذاً بإجماع من داخل أمريكا و من خارجها يعد إعلان الرئيس المغادر للبيت الأبيض بدون قيمة، سوى إعطاء لمملكة أمير المؤمنيين مبررا بنفس قصير يصد به أنظار المغاربة عن عملية التطبيع و يلههم الى حين عن تسلل الأخطبوط الصهيوني الى داخل بلادهم. تلكم هي الحقيقة المرة أما الترويج بالإعتراف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية من خلال تغريدة اتويترية فذلك ضحك على الذقون فالسيادة على الأقليم هي ملك حصري للشعب الصحراوي و امتشق البنادق لفرضها و لايمكن كما لايحق لأي كان مصادرتها أو المتاجرة بها.
إن دول المغرب العربي اليوم كما اشار الوزير الأول الجزائري اسرائيل على حدودها، و بالتالي تصبح الصحراء الغربية الوجه الآخر للقضية الفلسطينية في المغرب العربي الشيء الذي أدركته الطلائع الأولى لجبهة البوليساريوسنة 1972 وهي تُحضرفي مدينة الطنطان في المنطقة الشمالية من الحدود التاريخية للجمهورية الصحراوية للكفاح المسلح ضد المستعمر الإسباني بأن الصحراء ستصبح فلسطين المغرب العربي ، الوقائع و تطورات الأحداث اليوم تشير الى ذلك .
بقلم: محمد فاضل محمد سالم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق