كتاب وآراء

* المتخاذل ميت الاحياء:

من مات لا حظ له في المستقبل، ومن تخاذل مات ضميره، وموت الضمير اشد من خروج الروح من جسدها “مَيِّتْ مَشْكُورْ اوْلاَ حَيْ مَحْگُورْ” ومن مات ضميره بات عورة في مجتمعه، وبطن االارض اولى به من ظهرها. والوفي تخرج روحه من جسدها ويبقى مذكورا مشكورا في مجتمعه، ويكفيه فخرا ان اللّٰه عز وجل قال في حقه: “إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءَانِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ ۚ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُم بِهِۦ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ”. صدق اللّٰه العظيم. إن الوفي هو من يثبت على الحق ويبقى شامخا لا يتغير مهما طال به الزمن. فالأمم تحتاج للتزود بالأخلاق الحسنة والسجايا الحميدة لتبلغ مبتغاها، كما تحتاج أجسامها للطعام لتعيش. والشجاعة والوفاء غذاءان من أغذية الأُمَّة في اطوار التحرير، فلا يتهاون بهما إلَّا ضعفاء العقول الذين يستعذبون العبودية. وأصل الشجاعة أَنْ تعرف الحقَّ وتثبت عليه وتعظمه. اما التخاذل فهو الرذيلة بعينها. واليعلم الكرماء أن في اختلاف الأصدقاء شماتة الأعداء، وفي تفرق الأخوة وتناحرهم فرصة للمتربصين، وفي اختلاف أصحاب الحق فرصة للمبطلين. وأنه هناك ساعة حرجة يبلغ الباطل فيها ذروة قوته ويبلغ الحق فيها أقصى محنته، والثبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة تحول لا يطيقها الا الشجعان المتمسكين بالحق لمعرفتهم انه لا يترك الا الى باطل، ولمعرفتهم ايضا انه حين يسكت أهل الحق عن الباطل يتوهم أهل الباطل أنهم على حق. إنَّ الأُمَّة الضعيفة لا تستحقُّ الحياة ولا تقوَى عليها، ولا ترتقي الشعوب وتعزُّ إلَّا إذا شاع فيها خلق الصدق ومحبة الحقِّ وترويض النفوس على نصرته والدفاع عنه. ومن هذا الخلق يُولد الجيش الباسل الذي لا يُغلب ومنه ايضا يُولد الجيل الفاعل الذي لا يَطمع في حقِّ غيره، ويستنكف غيره عن الطمع في حقِّه. وكما ينبغي أن يُجهَّز الجيش بالمدافع والدبابات والقنابل، فإنَّ هذه لا تنفعه إن لم يستمد افراده القوة من شعب تربَّى على الصدق وآمن بالحق وطوع النفس على محبة الخير. الامر الذي ييسِّر له الأسلحة من كلِّ نوع والأنصار من كلِّ بلد ويعطيه مهابة واحتراما لدى بقية الأُمَم. فبالأخلاق والشجاعة والوفاء تتحقق الأماني، وهي السبيل إلى استرداد الحقوق، وتيسير السبيل إليها، وذلك هو طريق المكارم والكرماء، وكل ما يجافيه يسقط في سبل المذلة والعبودية ومجاريها، ومن قال اللّٰه فيهم “واسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا”.

بقلم : محمد فاضل محمد اسماعيل obrero

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق