كتاب وآراء

لا توجد صفقة قرن في قضية الصحراء الغربية

بقلم السيد حمدي يحظيه
المثقف المغربي يعيش دائما تحت سقف فكري وتحليلي محدد لا يستطيع تجاوزه، وهو سقف يحدده الملك وترسم إطاره دولة المخزن بأدواتها الإعلامية والثقافية وبتربيتها للعقل المغربي على الخوف. فمهْما يراكم المثقف المغربي من المعرفة يبقى فكره وتحليله حبيسا ذلك السقف فلا يتجاوزه، ويتصور أنه تجاوزه سيتم مسخه وتحويله إلى قرد. فإذا أفتى الملك في قضية أو قال ان العنزة غرابا فقد انتهى الأمر بالنسبة للمثقف المغربي: يقول هو الأخر أن العنزة  هي غراب. مات عابد الجابري وهو يقول ان تندوف مغربية، وعاش الطاهر بن جلون يكرر خطاب الملك والمخزن القائل ان الصحراء الغربية هي ” مغربية”.
طلع علينا مؤخرا المثقف المغربي  سعيد الوجاني بمقال يحلل فيه بلغة من يُقارن ما لا يقارن، ومن يُسقط ما لا يُسقط، وكانت خلاصة ما توصل إليه هو الآتي: فرنسا قد تقوم هي الاخرى بعرض ” صفقة قرن” في الصحراء الغربية قدوة بما فعلت الولايات المتحدة في القضية الفلسطينية، ويقول أن حركة التحرير لن تحمل السلاح ابدا، وان البوليساريو، مثلها، لن تحمل السلاح كذلك، وان القضية الفلسطينية انتهت وأن القضية الصحراوية انتهت. رغم احترامي للكاتب المغربي بسبب عدم معرفة توجهه إلا انه يبني تحليله على مقارنة غير واقعية اطلاقا، وحين نتمعن في التحليل نجد أنه لا يستطيع تحدي السقف الذي يرسمه المخزن. بدل من ان يكون تحليل هو مجرد حلم يشبه إلى حد التطابق حلم المخزن: تتم تصفية القضية الصحراوية والفلسطينية؛ أي يستيقظ المخزن يوما وإسرائيل ولا يجدون أثرا للشعب الصحراوي ولا للشعب الفلسطيني. لنذكر الكاتب ببعض الحقائق التي تجعل إسقاطه للقضية الصحراوية على القضية الفلسطينية خارج السياق:

فرنسا، منذ سنة 1975م وهي تخطط وتتآمر للايقاع بالقضية الصحراوية، ولا توجد صفقة قرن يمكن أن  تخطر على بال إلا وجربتها. يعني أن ما في جعبتها قد استنفذته.

حركة التحرير الفلسطينية لم يكن لها ابدا جيشا منظما ومدربا، وكانت تعتمد على بعض الوحدات لتنفيذ العمل الفدايء.

جبهة البوليساريو، بالعكس، تتوفر على جيش من اقوى جيوش العالم، ولديها الآن سبع نواحي عسكرية جاهزة ومسلحة باقوى انواع الاسلحة.

حركة التحرير الفلسطينية خدعها حلفاؤها خاصة الغرب بسبب ضعفهم وبسبب تخليهم عنها تحت التهديد الأمريكي والإسرائيلي.

بالنبسة لحليف البوليساريو- الجزائر- لن يتخلى عن دعمها، لان دعمه لها مستمد من مباديء تاريخية تُعتبر خطوط حمراء في السياسة الخارجية الجزائرية. فالجزائر، الآن، هي في أحسن ظروفها، وقد تخطت، بنجاح، كل التهديدات التي كان المغرب وفرنسا يقومان بها لتهديمها.

حركة التحرير الفلسطينية تعتمد على المساعدات الدولية خاصة مساعدات الأمم المتحدة الخاضعة اصلا لنزوات الولايات المتحدة راعية صفقة القرن، بينما البوليساريو تعتمد على دعم حلفائها فقط ولا تستلم من الأمم المتحدة ما عدا النزر القليل من الدقيق.

كتتيجة لكل هذا فإن المقارنة بين حركة التحرير الفلسطينية وجبهة البوليساريو هي مقارنة ساقطة في الماء؛ مقارنة غير مبنية على أي تشابه لا في الظروف ولا في الدعم السياسي والاقتصادي. ففرنسا لا تستطيع، بأي وسيلة من الوسائل، فرض صفقة قرن ولا صفقة عام، وهي الأن منشغلة بأحشائها، وتتفرج على إفريقيا تخرج من تحت مظلتها. لا يوجد الآن في العالم من يراهن على فرنسا ما عدا المثقف المغربي والمخزن. آخر أمل كانت تتعلق به فرنسا ويتعلق به المغرب بجوقة مثقفيه وحناشيه وحلقة جامع لفنا هو ان ينزلق الحراك الجزائري الى العنف مثلما حدث سنة 1990م، لكن الشعب الجزائري فوت الفرصة على كل الذين حلموا بتناحره.
blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدي يحظيه

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق