كتاب وآراء

دخان التطورات الميدانية الجديدة ..

 

مبارك سيدأحمد مامين

يقول عمر هلال أنه في حالة استعمال الجيش الصحراوي للطائرات المسيرة فإن ” الجيش المغربي سيرد ” ، وهنا نجد في الحسابات الميدانية ورقتين لازال المغرب لم يستعملها حتى الآن . أولها هو اجتياح الآراضي المحررة التي تبلغ مساحتها 72 الف كلمتر مربع ، وهي مساحة شاسعة تُعد أكبر من دول لها سفارات في الرباط كقطر وعدد من دول الخليج ، أما الورقة الثانية فهي القيام بضربة جوية لمقرات النواحي العسكرية الصحراوية ومقر الرئاسة بمنطقة اتفاريتي ، وهي ورقتين كان المخزن يحتفظ بها للرد على أي طاريء ميداني يمكنه فضح رواية المخزن القائلة للعالم ” لا وجود لحرب ” ، وكان سيوظف هذه الخيارات لتسويقها للرأي العام كرد على ” هزيمة ميدانية ما ” .

المعطيات الميدانية تقول أن الجيش المغربي يقوم منذ بداية هذه السنة باتباع تكتيك ميداني جديد فرضه واقع الأقصاف ، وتتمثل الخطة العسكرية المغربية في التراجع كل يوم نهاراً والعودة ليلاً ، وبتفسير أدق فإن فيالق الجيش المغربي تتراجع بشكلٍ يومي لأكثر من خمس كليمترات غرب الجدار وتترك حراسات قليلة في الأمام مع التناوب اليومي على أجهزة الرادارات ، لتعود تلك الكتائب و الوحدات لتخندقاتها بعد غروب الشمس ، وهذه الخطة تم اعتمادها في أغلب القواعد على طول الجدار بسبب العدد الكبير للجيش المغربي المتواجد في هذه القواعد التي تُعتبر في مرمى صواريخ وحدات جيش التحرير الصحراوي و الخسائر التي تخلفها الأقصاف ، وفشل طائرات الهيرون و البيرقدار في الحد من العمليات العسكرية للجيش الصحراوي .

ومنذ شهرين تقريباً أصبح الجيش المغربي ، الذي يتراجع للخلف فجراً ويعود ليلاً ، يواجه الجحيم ، فحتى القواعد الخلفية بما في ذلك المدفعية المغربية أصبحت في مرمى النيران ، وتم استهداف فيالق الجيش المغربي المتراجعة نهاراً للمناطق الآمنة أكثر من مرة ، خاصة في القطاع الجنوبي ( اوسرد ) وقطاع الوسط ( حوزة ) . وبغض النظر عن طبيعة السلاح الطاريء على الميدان إلا أنه جعل قيادة الجيش الملكي تبحث عن حلول بين المطرقة و السندان ، فلاهي تستطيع الإبتعاد كثيراً عن الجدار خوفاً من أي اقتحامٍ مفاجيء ، ولاهي قادرة على التقدم نحو الأمام و أخذ وضعية دفاع بفيالق ثابتة ستواجه أقصاف لا يُعرف توقيتها أو مكانها ، ومدى هذه الأقصاف أصبح يستهدف ” الخلف الآمن ” بسهولة كبيرة ، أما الأمام فهو تحصيل حاصل .

وعودة لتصريحات عمر هلال وطبيعة السيناريوهات المطروحة ، فإن اجتياح مغربي للأراضي المحررة أو تنفيذ ضربة جوية لمقرات النواحي العسكرية و مقر الرئاسة باتفاريتي هما السيناريوهين المحتملين في حالة أي انتصار ميداني أو ضربة ” عسكرية نوعية ” قد يقوم بها الجيش الصحراوي ، وهو انتصار سيفرض على المغرب الإعتراف بالحرب و القيام بأي ردة فعل ميدانية تخفي عجزه و تقدمه بصورة تظهره _ ولو مرحليا _ بأنه ” القوي متماسك عسكرياً ” ، ولكن الثابت في المعادلة أن كل الخطط العسكرية المغربية لم تحقق الغاية الأساسية منها .

فكل الخطط العسكرية المغربية قبل 1991 لم تأتي بالحسم ، خاصة بعد بناء الجدار المجهز بالرادارات و الالغام ، فهذه الخطة الإسرائيلية لم توقِف الهجمات و العمليات العسكرية الصحراوية ، وتم جلب الأسرى من داخل حفر ذلك الحزام الذي قدمه الحسن الثاني بأنه ” إنجاز حسم المعركة العسكرية في الصحراء ” ، ولكن في النهاية رفع راية الاستسلام ، وحتى بعد نوفمبر 2020 جائت الدرون ولم تغير الكثير ولم تتوقف ولا يوم واحد حرب الاستنزاف التي تتطور ببطئ ولكن بفاعلية كبيرة ، وحتى وإن خرج الجيش المغربي من الجدار و احتل الاراضي المحررة فإن المقاتل الصحراوي سيتعامل مع الوضع ” بالحيلة و الوقت و العقل ” ، فكل الأمور هناك نتائجها لا تظهر في الحين ، لأن ظهورها يأتي بمرور الوقت ، ولنا في التاريخ القريب و البعيد العبر .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق